لا بالمظنون وأيضا يجب حمل تلك الأدلة على ما المطلوب فيه القطع لا الظن جمعا بينه وبين الأدلة الدالة على جواز العمل بالمظنون ولئلا يلزم التخصيص فإن العمل الظن جائز في كثير من الصور وفاقا.
وثانيها: أنه لا فائدة فيها، وما لا فائدة فيه كان نصبه عبثا، وهو على الحكيم محال.
بيان الأول: أن فائدة العلة إنما هو معرفة الحكم، والقاصرة ليس فيها ذلك؛ لأن معرفة حكم الأصل إنما هو بالنص لا بالعلة وليس يوجد في غيره حتى يعرف منها حكمه فثبت أنه لا فائدة فيه.
بيان الثاني: طاهر.
وجوابه: أنا لا نسلم أنه لا فائدة فيها، وقد عرفت أن فيها فوائد.
سلمنا أنه لا فائدة فيها، لكن لم قلتم أن مالا فائدة فيه يكون عبثا باطلا؟ فإنه لا يمتنع عقلا أنه تكون باعثة على الحكم في نفس الأمر، أو مؤثرة فيه وإن لم ينتفع الطالب لها، ويكون الطالب لها طالبا لما لا ينتفع به.
فإن قلت: فائدة الخاصة للعلة إنما هو إثبات الحكم فإذا لم يحصل ذلك وجب القول بالبطلان كالبيع والنكاح فإنه إذا لم يحصل منهما حل البضع وجواز التصرفات في المبيع وجب القول ببطلانهما.
قلت: إن عنيتم ببطلانها أنه لا يثبت لها حكم في غير محل النص فهذا مسلم وإن عنى بذلك أنها ليست مؤثرة أو باعثة للشارع على الحكم في نفس الأمر فهذا باطل، وما ذكرتم لا يدل على بطلانها بهذين المعنيين، ونحن لا نعني بكونها صحيحة سوى أحد هذين المعنيين، ولهذا المعنى قلنا: إن حكم الأصل معلل بعلة لا بمعنى المعرف، فإن العلة لم تعرفنا في الأصل حكماً.