وجوده في الأصل، وبتقدير وجوده فيه يمنع كونه وصفًا متعديًا بل هو قاصر على تلك الصورة، وبتقدير كونه متعديًا يمنع كونه حاصلاً في الفرع فهذه ممنوعات محضة تتوجه إلى مقدمات القياس، وأجوبتها بإزالة تلك الممنوعات بطرقها المشهور، وقد تقدم ذكر أكثرها [مثل الجواب عن المنع الثاني والثالث] أن يبين [أن] في المحل وصفًا مناسبًا فيقول: لو لم يكن الحكم معللاً به، فإما أن لا يكون معللاً أصلاً، أو يكون معللاً بغيره، والأول باطل لما تقدم في باب المناسبة من أن الأحكام معللة بالحكم والمصالح، والثاني أيضًا باطل؛ إذ الأصل عدم وصف آخر ولو أبدى المعترض وصفًا آخر فجوابه بالترجيح على ما ستعرف ذلك.
غير أن العلماء اختلفوا في أن منع الحكم إذا توجه على المستدل هل يصير منقطعًا أم له أن يجيب عنه بالدلالة على إثباته كغيره من المنوعات؟ فذهب جمع إلى انقطاعه، لأنه إن لم يجب عنه فظاهر، وإن جاب عنه للدلالة عليه فكذلك؛ لأنه شرع أولاً في الدلالة على حكم الفرع والآن عدل عنه، وشرع في الدلالة على حكم الأصل فصار كما لو شرع في إقامة الدلالة على مسألة ثم انتقل عنها إلى مسألة أخرى [أ] وإلى دلالة [أخرى] فإنه يصير منقطعًا وفاقًا فكذا ها هنا/ (٢٣٩/ أ).
وذهب جمع إلى أنه لا يصير منقطعًا بذلك بل له أن يجيب عنه بالدلالة