قلنا: هذا مبنى على قاعدة التحسين والتقبيح وقد ثبت بطلانها.
سلمناه لكن لم لا يجوز أن يقال: إن لله تعالى فيه حكمة خفية لا يطلع عليها، ثم هو منقوض بالتعادل الذهني وهو جائز بالاتفاق، ثم أن ما ذكرتم من الدليل يشكل بما إذا أفتى مفتيان: أحدهما بالحل، والآخر بالحرمة، ولم يظهر رجحان أحدهما على الآخر في ظن المستفتي، فإن قولهما بالنسبة إلى العامي كالأمارتين.
وأجيب عنه: أما عن الاول فهو أنه غير وارد على صورة النزاع، فإن النزاع إنما هو حيث تكون الامارتان متعادلتين وذلك ينفى أن تكون إحداهما راجحة على الأخرى سواء كان ذلك الرجحان لأمر يرجع إلى ما في نفسها أو غير ها.
وأما عن الثاني، فهو أن المحظور هو الذى يمنع من فعله، والمباح هو الذى لا يمنع منه، فإذا حصل الإذن في الفعل فقد ارتفع الحجر عن فعله فلا يبقى حظر ألبتة ولا معنى للإباحة إلا ذلك.
وهو ضعيف لانا نمنع ذلك، وهذا لأنه ما ارتفع الحجر عن فعله مطلقا بل أن أخذ بأمارة الإباحة، فأما إذا أخذ بأمارة الحظر فلا، والمباح هو الذى جاز فعله وتركه مطلقا من غير شريطة، وهذا لا يجوز فعله إلا إذا قصد الأخذ بأمارة الإباحة فلم يلزم أن يكون ذلك ترجيحا لأمارة الإباحة بعينها.