وإن عنى به العزم على الإتيان بمقتضاها، فذلك العزم إن كان عزما جازما بحيث يتصل به الفعل لا محالة، كان الفعل حينئذ واجب الوقوع فيمتنع ورود الإباحة والحظر فيه؛ لأنه يكون ذلك إذنًا في ايقاع ما يجب وقوعه أو منعا عن إيقاع ما يجب وقوعه.
وإن لم يكن عزما جازما فحينئذ يجوز له الرجوع، لأنه إذا عزم عزما غير جازم على الترك مثلاً - فإذا أراد الرجوع عن هذا العزم، وقصد الإقدام على الفعل جاز له ذلك، فعلم أن ما ذكروه فاسد.
وهذان الجوابان ضعيفان، أما الأول: فلأنه لا يلزم من قولنا: أنه يحرم عليه الفعل عند الأخذ بأمارة الحرمة، ويباح له عند الأخذ بأمارة الإباحة أن تكون الأمارتان قائمتين على حرمة الفعل وإباحته بما ذكرتم من الاعتبارين المختلفين، وهذا لأن الأخذ بإحدى الأمارتين إنما يكون بعد تمام دلالتها على الحظر أو الإباحة، فلو كانت دلالتها على الحظر أو الإباحة معتبرة بالأخذ بها لزم الدور.
ولا نسلم أن معنى قولنا: إنه يحرم الفعل إذا أخذ بأمارة الحرمة ويباح إذا أخذ بأمارة الإباحة ما ذكرتم وسنده ما سبق معناه: أنه إن قصد المكلف العمل بأمارة الحرمة حرم عليه الفعل، لأن دلالتها على الحرمة حال أخذ أمارة الحرمة، وكذا القول في جانب الإباحة وهو ظاهر غنى عن تطويل البيان.
وأما الثاني فهو أيضا ضعيف؛ وهذا لأنا نختار مما ذكرتم من المعنين المعنى الثالث.
قوله: إن كان ذلك العزم جازما فيمتنع ورود التكليف فيه ممنوع؛ وهذا