فمن جوز تعادل الأمارتين جوز ذلك، ومن لم يجوز ذلك لم يجوز هذا.
فإن قلت: التعادل الذهني جائز وفاقا فهلا - جوز - ذلك بناء عليه.
قلت. حكمه إذ ذاك التوقف، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما، وأما التخيير فبعيد لعلمه بأن أحدهما راجح قطعا ويجب العمل به دون المرجوح، فإنه لا يجوز العمل به، وإن جوز التخيير حينئذ فهو قول واحد وهو التخيير وليس هو قولن متنافيين فلم يجز تخريجه على التعادل الذهني، والتخيير بينهما حينئذ بعيد وإن نقله بعضهم.
إذا عرفت هذا فنقول: المجتهد إذا نقل له قولان في مسالة واحدة بالنسبة إلى حكمين متنافيين، فأما أن يكون القولان منصوصين، أو لا يكونا منصوصين.
فإن كان الأول إما أن يكونا في موضعين بأن ينص في كتاب بتحريم الشيء، وفى كتاب آخر بتحليله أو في موضع واحد.
فإن كلان الأول فإما أن يعلم التاريخ بينهما أو لا يعلم.
فإن علم كان الثاني رجوعا عن الأول ظاهرًا.
وإنما قلنا ظاهرًا؛ لأنه يحتمل أن يكون القول هو الأول هو الراجح عنده، وإنما أبدى الثاني على وجه الاحتمال، أي: أنه محتمل في الجملة في المسالة وإن كان مرجوحا عنده بالنسبة إلى القول الأول.
وإن لم يعلم التاريخ حكى عنه القولان، ولا يحكم عليه بالرجوع إلى أحدهما بعينه، وإن علم أن أحدهما مرجوع عنه لا بعينه ظاهرًا، ولا يخفى