من حيث إنه يقول بهذين الاحتمالين في المسألة على سبيل البدلية لوجدان دليلهما المتساويين دون سائر الاحتمالات.
وإن لم يكونا منصوصين فإما أن يكون أحدهما منصوصًا والأخر منقولاً من نظيره المنصوص عليه وهو كالب ما يقع من هذا الجنس، أو كلاهما منقولين من مسألتين منصوصتين هما نظير في المنقول إليها في وجه معتبر.
فإن كان الأول فإن كان بين المسألتين فرق يجوز أن يذهب إليه ذاهب لم يلزم أن يكون قوله في تلك المسالة قولاً في هذه المسالة؛ لاحتمال أنه ذهب إلى ذلك الفرق فلم يجز نسبة ذلك القول إليه في هذه المسألة، وكذلك القول فيما إذا كان القولان منقولين من مسألتين منصوصتين.
وإن لم يكن بينهما فرق أصلاً فالظاهر أن قوله في إحدى المسألتين قوله في الأخرى، وإنما قلنا الظاهر؛ لأنه جاز أن نص عليها عند الذهول من نظيره تلك المسألة فلم يمكن أن يقال إن ذلك القول قوله؛ لأن قول الإنسان في الشيء يستدعي أن يكون الشيء معقولاً له، نعم هو لازم قوله لكن لازم القول قد لا يكون قول الإنسان بمعنى أنه يقول به ويرتضيه، وحينئذ إما أن يكون التاريخ معلومًا أو لم يكن والحكم على كل واحد/ (٢٥٣/ أ) من التقديرين ما سبق في القولين المنصوصين.
فأما الأقوال المحكية عن الشافعي- رضى الله عنه- في المسألة الواحدة فهو يحتمل وجوها:
أحدها: وهو الأكثر أنه قد نص على حكم في كتبه القديمة، وفى كتبه الجديدة نص على حكم آخر، والناس نقلوهما من غير تعرض لبيان القديم والجديد للاطلاع على مأخذيهما لا للإفتاء، فإن الجديد ناسخ للقديم فلا يحل الإفتاء به، اللهم إلا إذا نص على رجحانه على الجديد.