من الإمام الشافعي - رضي الله عنه- قولان على هذا الوجه أعنى من غير ترجيح منه لأحدهما إلا في سبعة عشر مسالة على ما ينقل ذلك عن الشيخ أبى حامد الإسفراييني - رحمة الله تعالى.
وهذا أيضًا يدل على كمال علمه ودينه.
أما الأول: فلأن كل من كان أغوص نظرًا، وأدق فكرًا، وأكثر إحاطة بالأصول والفروع، وأتم وقوفا على شرائط الأدلة كانت الإشكالات عنده أكثر.
فأما الإصرار على الوجه الواحد طول العمر وعدم التردد بين محتملات المسالة في المسائل الظنية، والمباحثات الغير يقينية فذلك لا يكون إلا من جمود الطبع، وقلة الفطنة، وكلال القريحة، وعدم الاحاطة بشرائط الأدلة والاستدلال، وعدم الوقوف على الأسئلة القادحة، والاعتراضات المنقدحة.
وأما الثاني فمن وجهين:
أحدهما: أنه لما لم يظهر له في المسألة وجه الرجحان بين محتمليهما لم يستنكف من/ (٢٥٤/ أ) الاعتراف بعدم العلم، ولم يشتغل بالترويج والمداهنة، بل صرح بعجزه عما هو عاجز فيه، ومعلوم أن مثل هذا لا يصدر إلا عن الدين المتين، ولهذا عد المسلمون وأئمة الدين من فضائل عمر- رضي