لنا: أن العالم يميز بين ما يجوز وبين ما لا يجوز، فإذا سمع كلامًا لا يجوز إجراؤه على ظاهره بحث عنه وسأل عن مقدمته، وسبب نزوله، فحينئذ يطلع على الأمر الذى يزول به الإشكال، بخلاف من هو جاهل فإنه لا ينتبه لمحل الإشكال، ولا يبحث عنه، ولا يسأل عن مقدمته ولا عن سبب نزوله فينقل القدر الذى سمعه فربما كان ذلك القدر وحده سبب للضلال.
وثانيها: الأعلم إذا روى كانت روايته راجحة على رواية العالم، كما في الأورع بالنسبة إلى الورع.
وسببه: زيادة الثقة بخبوه وغلبة الظن بنفي خطئه وغلطه.
وثالثها: رواية العالم بالعربية أولى من رواية من هو جاهل بها، لافي العالم بها [يتمكن من التحفظ]، عن مواقع الزلل والخطأ، دون غير العالم بها فكان الوثوق بروايته أكثر.
ويحتمل أن يقال: هي مرجوحة، لأن الواقف على اللسان يعتمد على معرفته، ولا يبالغ في الحفظ اعتمادًا على خاطره، بخلاف الجاهل باللسان فإنه يكون خائفا من الذهول عنه والخطأ فيه فيبالغ في الحفظ.
فعلى الأول رواية الأعلم بها راجحة على رواية العالم بها كما مضى في الفقه.
وعلى الثاني روايته مرجوحة بالنسبة إلى رواية العالم بها على قياس رواية الجاهل بها.