ودلالة الفعل مختلف فيها فكان الأول أولى، ولأن ما يفعله الرسول- عليه السلام- يحتمل أن يكون مختصًا به، ويحتمل أن لا يختص به ولا يتميز أحدها عن الآخر إلا بمنفصل، بخلاف اللفظ فإنه متميز في نفسه، فإن منه ما لا يحتمل أن يكون مختصا به، وهو كما ورد بخطاب المشافهة، أو بصيغة العموم، أو غيرهما، ومنه ما لا يحتمل إلا التخصيص به، ومنه ما يحتملها وهو قليل جدًا بخلاف الفعل فإن جميع أنواعه محتمل لذلك، فكان الإبهام فيه أكثر فيه أكثر فكان الأول أولى، ولأن المختص به من أفعاله كثر من أقواله، ولأن تطرق الغفلة إلى الإنسان في فعله أكثر منها في كلامه ولهذا قل ما يتكلم به الإنسان غافلاً بخلاف الفعل.
وثانيها: أن يكون اللفظ في أحد الخبرين بعيدًا عن الاستعمال، وفيه ركاكة، وفى الخبر الآخر اللفظ المستعمل الفصيح،- فالخبر المشتمل على الألفاظ المستعملة الفصيحة الأولى إن قبل غير المستعمل الركيك وإلا فليس هو مما نحن فيه.
وثالثها: قيل الأفصح مقدم على الفضيح على قياس ما تقدم.
وقيل: لا، لأن الفصيح لا يجب أن يكون كل كلامه أفصح، ولهذا نرى تفاوتا في فصاحة آيات القرآن.
ورابعها: أن يكون أحدهما عاما والآخر خاصًا، فالخاص مقدم على العام وقد سبق تقريره.