والدليل على جوازه مطلقًا: أنه لا يلزم من فرض وقوعه محال لا من جهة العقل، ولا من جهة الشرع؛ إذ لا يلزم من قول الرسول عليه السلام لبعض من حضره: لقد أوحى [إلى]، أنك مأمور بالاجتهاد، ومأمور بأن تعمل بما غلب على ظنك محال/ (٢٩٩/ أ) لا من جهة العقل، ولا من جهة الشرع لا لذاته وهو [ظاهر]، جدًا، ولا لغيره إذ الأصل عدمه فمن ادعى فعليه البيان، فوجب أن يثبت جوازه إذ لا معنى للجائز إلا ذلك.
وأيضًا: إن ما جار به الحكم في غير حضرة الرسول جاز به الحكم في حضرته كالكتاب والسنة.
واحتج الخصم بوجوه:
أحدها: أن الاجتهاد في معرض الخطأ والغلط، والنص آمن منه، ومن هو في عصره- عليه السلام- قادر على التوصل إلى الحكم بطريق النص، وحينئذ يكون آمنًا من الخطأ والغلط، وسلوك الطريق المخوف مع القدرة على سلوك الطريق الآمن قبيح عقلاً، والقبيح غير جائز عقلاً.
وجوابه: منع المقدمة الأولى؛ وهذا لأن الشرع لما قال له: أنت مأمور بالاجتهاد وبالعمل بما غلب على ظنك كان آمنا من الغلط، لأنه بعد الاجتهاد يكون آتيًا بما أمر به.
سلمنا لكن لا نسلم أنه قادر على التوصل إلى النص؛ وهذا لأن ورود النص ليس باختيار المكلف ومسألته، بل جار أن يسال عن القضية ولا يرد فيها نص بأن يؤمر بالعمل فيها بما يغلب على ظنه، ولا يمكنكم نفى هذا الاحتمال إلا إذا أثبتم نفى جواز الاجتهاد فبيان نفي جواز الاجتهاد بناء على