وأما العقل، فيعرف البرامة الأصلية، ويعرف أنا مكلفون بالتمسك به ما دام لم يرد [دليل]، ناقل من النص، أو إجماع، أو غيرهما، فهذه هي العلوم المعتبرة بالمدارك الأربعة، وأعلم أن هذا ما ذكره الشيخ الغزالي، ونقله الامام عنه، ووافقه على ذلك، ولم يذكر فيه القياس، فإن كان ذلك باء على أنه متفرع [من الكتاب]، والسنة فالإجماع والعقل أيضًا كذلك، فكان يجب أن يذكرهما، وإن كان ذلك بناء على أنه ليس بمدرك فكونه حجة ينفي ذلك، بل هو أيضًا مدرك من المدارك فينبغي أيضًا أن يكون المجتهد عارفًا به، وبأنواعه، وأقسامه، وشرائطه المعتبرة والطرق الدالة على العلة فيه.
وأما العلمان المقدمان:
فأحدهما: علم شرائط الحد والبرهان، والعلم المتكفل ببيان ذلك هو المنطق، ولا يشترط في ذلك أن يكون بالغًا إلى الغاية القصوى، نحو أن يعرف نوادر الحد، وأن يعرف طرق الإنتاجات البعيدة من المتصلات، والمنفصلات، والمختلطات، بل يكفي أن يكون في المرتبة الوسطى من ذلك.
وثانيهما: معرفة النحو واللغة والتصريف، [لأن شرعنا]، عربي فلا يمكن التوصل إليه إلا بفهم كلام العرب، وقد تقدم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولا يشترط في ذلك أن يكون بالغًا إلى حد