لنصب عليه دليل قاطع أزاحه لعذر المكلف، وقطعًا لحجته كما قال الله تعالى:{رسلاً مبشرين لئلا يكون للناس على الله حجة}، ولأن ذلك تمكين له من الإتيان بالمأمور به، والتمكين واجب كاللطف على ما تقدم تقريره في باب الإجماع، ولما لم يكن عليه دليل قاطع لما سبق علمنا أنه لا حكم في الواقعة.
وجوابه. بعض ما سبق ويخصه: أنه مبنى على قاعدة التحسين والتقبيح وقد مر إبطالها.
سلمناه لكن لا مانع من أن تكون الحكمة في طلب الظن بذلك الحكم بناء على الأدلة الظنية لا في طلب العلم به لما في النظر في الظنيات [من] زيادة المشقة والتعب لكون وجه الدلالة فيه/ (٣٠٩/ أ) خفيًا محتملاً للنقيض فيكون الثواب فيه أكثر.
وسادسها: لو حصل في كل واقعة حكم معين لكان ما عداه خطأ باطلاً، أما أولاً: فبالإجماع، وأما ثانيًا: فالاستحالة أن يكون النقصان حقين في نفس الأمر، ولو كان كذلك لزم أمور:
أحدها: أن لا يجوز للمجتهد من الصحابي أن يولى من يخالفه فيما ذهب إليه من الأحكام، لأن التمكين من ذلك تمكين من ترويج الباطل وأعماله، وأنه غير جائز لكنه يجوز إذ الصحابة كانت تفعل ذلك من غير نكير فيما بينهم، ولى الصديق زيدًا، مع أنه كان يخالفه في الجد، وولى عمر وعلي- رضى الله عنهما- شريحًا مع أنه كان يخالفه في كثير من الأحكام،