وخطأ ابن عباس زيد بن ثابت في مسألة الجد مع الأخوة وقال:(ألا يتقى الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أب الأب أبا).
وأما أن ذلك كان من غير نكير فيما بينهم فلانه لو وجد الإنكار على ذلك لنقل وأشتهر، ولما لم ينقل ذلك ولم يشتهر علمنا أنه لم يوجد.
بيان الثاني ظاهر، فإنه لو كان كل منهم مصيبا لم يجز تخطئة بعضهم فكان يمتنع اتفاق الكل عليها فكان ذلك دالا على اتفاقهم على أن المصيب واحد، ولا يعارض هذا بأن هؤلاء الذين نقل عنهم التصريح بالتخطئة فقد نقل عنهم تولية المخالف في الدماء والفروج وتمكينه من الفتوى فيهما وترك البراءة عنه وتفسيقه كما سبق في حجج المصوبة؛ وذلك يدل على أنهم كانوا يعتقدون تصويب الكل؛ لأن التخطئة مصرح بها، والتصويب مستدل عليه لو سلم الاستدلال فكان الأول أولى).
فإن قلت: إنما يصار إلى الترجيح إذا لم يمكن التوفيق بين الدليلين؛ وهذا لأن الترجيح يقتضي إعمال الراجح وترك المرجوح بالكلية، والتوفيق لا يقتضى ذلك بل يقتضى إعمالها ببعض الاعتبارات فكان أولى، وإذا كلان أولى لم يجز المصير إلى ما هو دون الأول مع إمكان المصير إلى الأولى، كما لا يجوز المصير إلى المرجوح مع وجود الراجح وهنا يمكن التوفيق، وهو أن تحمل التخطئة على ما إذا قصر المجتهد في الاجتهاد، أو لم يكن أهلا