ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يكون ذلك الغير [هو مصلحة العبد ونظام العالم، ورعاية المصالح وإن كانت غير] واجبة على الله تعالى لكن الله تعالى لم يشرع من الاحكام إلا ما فيه مصلحة العبد ونظام العالم تكريما وتفضيلاً منه على العبيد، فحينئذ لو نص لما نص إلا على ذلك الذى فيه مصلحة العبد ونظام العالم، فلم يجز أن ينص على غير ذلك الحكم نظرًا إلى ما أجرى به سنته وعادته.
واحتج من قال بالأشبه بالنص والمعقول:
أما النص فهو قوله- عليه السلام- "من اجتهد وأخطأ فله أجر واحد"، صرح بالتخطئة، وهذه التخطئة ليست لأجل مخالفة حكم واقع، لأنه قد تقدم في أدلة المصوبة أنه لا حكم في الواقع، فلابد وأن يكون لأجل كونه مخالفًا لحكم مقدر وهو الأشبه.
وجوابه: أنه قد تقدم ضعف تلك الأدلة فلا يبنى على مقتضاها شيء.
وأيضًا لا يليق بكرم الله تعالى ورحمته على عبيده أن يخطئهم بالعدول عما لم ينص عليه ولا أقام عليه دلالة ولا أمارة، ولا جعل على تلك علامة، وأن ينقص أجرهم بسبب ذلك فإن إصابة مثل هذا اتفاقي، ولا يجوز ورود التكليف للاتفاقيات.
وأما المعقول. فهو أن المجتهد طالب، وكل طلب فلابد وأن يكون له مطلوب، وإذ ليس مطلوب المجتهد واقعًا لما تقدم من الأدلة فهو إذن مقدر.
وجوابه. أن مطلوبة واقع وأما أدلتكم على نفيه فقد سبق ضعفها.