أفتى به هو حكم الله في حقه فلم يكن اتباعه اتباع للكذب والخطأ، سلمناه لكن المحذور الأول حاصل، وإن اجتهد العامي ونظر في الأدلة والأمارات فإن احتمال الخطأ في حقه ممكن كما حق المجتهد بل هو أولى، وذلك لعدم اتصافه بشرائط الاجتهاد وهو حاصل للمجتهد فوجب أن لا يجوز له العمل بما أدى إليه اجتهاده.
ورابعها: أن جواز التقليد يفضى إلى المنع منه، لأنه يقتضى جواز تقليد من يمنع منه، وما يفضى ثبوته إلى نفيه كان باطلاً.
وجوابه: أنا لا نسلم أنه يفضى إلى ذلك لا محالة بل قد يفضى، وحينئذ ينتقض بجواز العمل بالظن فإنه قد يفضى إلى المنع منه فكان باطلاً فكل ما هو جوابكم ثمة فهو جوابنا ها هنا.
سلمنا سلامته عن النقض لكن نقول: ما يفضى ثبوته إلى نفيه كان باطلاً مطلقًا، أو إذ لم يكن شرط إثباته مخالفا لشرط نفيه، والأول ممنوع، والثاني مسلم، لكن ها هنا شرط النفي مخالف لشرط الإثبات، فإن شرط النفي أن يقلد من لا يرى جواز التقليد، وشرط الجواز أن يقلد من يرى جوازه، ولا شك أن الشرطين مخالفان، ولا بعد في إثبات شيء على شرط يؤدي إلى نفيه على شرط يخالف ذلك الشرط.
وخامسها: لو جاز التقليد في فروع الشرع لجاز في أصوله بجامع كون كل أحد منهما مكلف به مع غلبة الظن بصدق ما أخبره المقلد.