وإن لم يكن لذاته ولا للوازم ذاته كان لا من مفارق فيكون الحكم في نفسه غنيًا عن تلك العلة والغنى عن الشيء لا يكون معللًا به فوجب في ذلك الحكم أن لا يكون مستندًا إليه هذا خلف.
وفيه نظر من حيث إن المعلول لذاته أو للازم ذاته محتاج إلى مطلق العلة وأما تعين العلة فما هو من جهة المعلول حتى يلزم ما ذكرتم من المحذور بل العلة لما تعينت في نفسها لأسباب توجب ذلك تعين المعلول وحينئذ لا يلزم المحذور المذكور.
وخامسها: لو ثبت الحكم في هذه الصورة لثبت في صورة البعض للمناسبة أو غيرها من الطرق الدالة [على] علية الوصف السالمة عن معارض تخلف الحكم عن ذلك الوصف لأنه حينئذ يكون الحكم ثابتًا في جميع صور البعض على رأي المستدل فله أن يمنع تخلف الحكم لكنه غير ثابت إجماعًا ولا يثبت فيما نحن فيه، ولا يخفى وجه المعارضة في ذلك بأن يقال لو ثبت بالمانع وغيره.
وجوابه: بالترجيح نحو أن الاستدلال بوجود المقتضى أولى من الاستدلال بوجود المانع على العدم لاستلزام ذلك التعارض الذي هو خلاف الأصل.
وسادسها: أن الحكم كان منتفيًا في أوقات متعددة غير متناهية ضرورة أنه كان منتفيًا في الأزل وذلك يوجب حصول ظن الانتفاء في هذه الأوقات المتناهية؛ لأن الأوقات الغير متناهية أكثر من الأوقات المتناهية، والكثرة مظنة الظن.
وسابعها: إن إثبات هذا الحكم يفضي إلى الضرر؛ لأنه إذا دعاه الداعي إلى خلافه فإن اتبعه لزم العقاب، وإن خالفه لزم ترك المراد/ (٣٥٥/ أ)