أما الذم: فهو قول، أو فعل، أو ترك قول، أو ترك فعل، ينبئ عن اتضاع حال الغير، وتارك الوجب وإن عفا عنه فالذم والتوبيخ من الشارع غير منفك عنه، إذ أقله أن يسميه عاصبا وهو اسم ذم وفاقا، ولأنا نعلم منه أنه لم يكرمه مثل إكرام الآتي به، وإن عفا عنه إذ سلب عنه منصب العدالة، وهي شرط قبول الشهادة، ولا شك أن عدم قبول الشهادة، وما يجري مجراها ذم منه.
وبهذا يعرف اندفاع ما اعترض به على هذا، وهو أنه لابد وأن يكون لهذا الذم فاعل، لكن ذلك غير معقول، إذ لا يجوز أن يكون فاعله هو الشرع، لأنه ليس حيا ناطقا، ولا أهله لاستحالة الدور، ولا الشارع، لأنه لم ينص على لوم كل تارك للواجب، ولا على ترك كل صنف من أصناف الواجبات.
وقولنا: شرعا. يحترز به عما يذم تاركه عقلا، أما على مذهبنا: فعلى الإطلاق، وأما على رأي المعتزلة لو قالوا به: فعبن ما يذم تاركه عقلا، لا بالنسبة إلى أنه مطلوب الشرع، بل إما لفوات مصلحة، أو جلب مضرة دنياوية.