وثانيها: أنه لو كان الأمر كما ذكرتم، لكان المكلف إذا فعل الكل لوجب عليه أن ينوي في الكل أداء الواجب، كما في فرض الكفاية، فإن الكل إذا فعلوه، فإنه يجب على كل واحد منهم أن ينوي أداء ذلك الواجب، إن كان ذلك مما يحتاج إلي النية، وكما في سائر الواجبات المحتاجة إلى النية، وبالإجماع ليس كذلك.
وعن الثالث: أنه متناقض لما يقتضيه ظاهر الآية، فإن ظاهرها يقتضي التخيير على ما تقدم بيانه، وذلك يقتضي جواز ترك كل واحد منها بشرط الإتيان بالآخر، وكونه واجبا على التعيين يقتضي عدم جواز تركه على كل التقادير، فيكون مناقضا لظاهر لآية فيكون باطلا.
وعن الرابع: أنه يقتضي أن لا وجود قبل الاختيار، وهو خلاف الإجماع، ومنعه مكابرة غير مستحق للجواب، ولأنه يقضي ألا يأثم بتركه قبل الاختيار، إذ لا وجوب قبله، ولو التزام بأنه لا يأثم بتركه قبل الاختيار وإنما يأثم بترك الاختيار وهو مقدوره، فلا يخفى عليك ضعفه ومخالفته لظاهر الآية.
وأما قوله ثانيا: أنه وإن كان خلاف الظاهر، لكنه قد يصار إليه عند قيام الدلالة عليه، وقد دل الدليل عليه، فوجب المصير إليه. فجوابه من وجهين: