وقودح: بأنه غير جامع، إذ يخرج عنه الفعل الذي خير الشارع فيه بن الفعل والترك، مع إعلامه فاعله، أو دلالة الدليل السمعي على استواء فعله في المصلحة والمفسدة دنيا وآخرة، فإنه مباح، وإن اشتمل فعله وتركه على الضرر.
وهو غير سديد، لأنه لابد وأن يريد بقوله: وإن اشتمل فعله وتركه على الضرر، الضرر في الآخرة، وهو المعنى من قوله "في الحد": لا ضرر عليه في فعله ولا في تركه ولا نفع له في الآخرة.
وحينئذ لا نسلم أن ما يكون كذلك يكون في فعله وتركه ضرر، وهذا لأن المفسدة لما صارت معارضة بالمصلحة، وبالعكس صار وجود كل واحد منهما كعدمه، وحينئذ لا يكون في فعله وتركه ضرر في الآخرة.
فإن استدل عليه بأن الثواب والعقاب على الفعل عندنا غير معلل بالمصالح والمفاسد، وغير مشروط بهما، فجاز أن يكون في الفعل ضرر في الآخرة، وإن لم يكن مشتملا على المفسدة، فحينئذ نمنع جواز تحقق حقيقة التخيير فيه، وإن أجازوا ورود صيغة التخيير فيه، كما في قوله تعالى:{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}، وهذا لأنه حينئذ يكون محرما لاشتماله على ضرر الآخرة، فلا يتصور فيه حقيقة التخيير.
سلمناه: لكن لا نسلم أنه على هذا التقدير يكون مباحا، والمعترض ما زاد على مجرد الدعوى شيئا، ولم يذكر عليهما دليلا.
واعلم أن من أسماء المباح: الحلال، والطلق، وقد يوصف الفعل بالإباحة، إذا كان الإقدام عليه جائزا، وإن كان تركه محظورا، كما يقال: