إرادة الفعل المأمور به "وإرادة" أعقاب المأمور عند تركه، لكنه اعترف بأنه عبارة عن الطلب على ما ذكر ذلك في تعريفه فيقال له: إنه وجد الأمر فيما ذكرت من الصورة مع استحالة الطلب لاستحالة أن يطلب العاقل ما فيه مضرته من غير ضرورة تلجئه إليه.
وهو ضعيف، لأنا لا نسلم أنه يستحيل من العاقل أن يطلب ما فيه مضرته، إذا لم يكن مريدًا له، وهذا لأن طلب المضرة لا تنافي غرضه بل قد توافقه، كما ذكرنا من الصورة، وإنما المنافي لغرضه هو وقوع المضرة وهو لا يوجبه.
فالحاصل أن طلب المضرة من حيث إنه طلب لا ينافي غرض العاقل لا بالذات ولا بالعرض، بخلاف الإرادة فإنها وإن لم تنافيه بالذات، لكن تنافيه بالغرض لكونها توجب وقوع المضرة، ضرورة أن الإرادة صفة تقتضي وقوع المراد، نعم: الطلب والإرادة في الأكثر يتلازمان فنظن أنه يستحيل أن يجتمع مع الكراهة، كما يستحيل أن تجتمع الإرادة معها.
وثانيها: أن الرجل قد يقول لغيره / (١٢٦/ب): إني أريد منك الفعل الفلاني ولا آمرك به لمصلحة ولا أريده منك، ولو كان الأمر عبارة عن الإرادة، أو كان مشروطًا بها لما صح ذلك.