وثانيهما: أن الجهل على الله تعالى محال، ومستلزم المحال محال، فيكون الممكن محالاً، هذا خلف فلا يكون ممكنًا فيكون محالاً.
وأما ثانيًا: فلأنه لو كان مرادًا لكان معناه أنه مخصص حدوثه بوقت دون وقت، وبوجه دون وجه، إذ لا معنى للمراد إلا أنه تعلق به الإرادة ولا معنى لتعلق الإرادة بالشيء إلا ذلك، لكن فيما لا يوجد غير متصور فلا يكون الإيمان منه مرادًا وقد ثبت وجود الأمر به فلا يكون "الأمر عبارة عن الإرادة ولا مشروطًا بها.
فإن قلت: ما المراد من قولك: أجمعت الأمة على أنه تعالى أمر الكافر بالإيمان، إن أردت أنه أنزل آية دالة على أنه تعالى مريد العقاب في الآخرة لو لم يؤمن فهذا مسلم وهو غير ما ذهبنا إليه فإن ذكرنا أن" الأمر عبارة عن إرادة فعل المأمور به أو عن إرادة عقاب المأمور بتقدير الترك، وإن أردت به غيره فبينه لننظر هل انعقد الإجماع عليه أم لا؟
فإن التصديق نوع التصور.
سلمنا: أنه أمر الكافر بالإيمان بغير هذا المعني، لكن لا نسلم أنه ما أراد الإيمان منه.
قوله في الوجه الأول: صدور الإيمان منه محال.
قلنا: لا نسلم أنه محال. لقوله:[لو] لم يكن محالاً لكان ممكنًا والممكن لا يلزم من فرض وقوعه محال.
قلنا: نعم لكن نظرًا إلى الذات لا مطلقًا وها هنا كذلك، فإنا لو قطعنا النظر عن تعلق العلم به لم يلزم من فرض وقوعه محال، إن ادعيتم ذلك مطلقًا فهو ممنوع، وهذا وإن فرض وقوع الممكن لا عن مؤثر أو بدون