الجمعة، دل على وجوب كونه صائمًا مطلقًا ضرورة أنه جزء مفهومه، ثم فوات خصوصية يوم الجمعة لا يعارض تلك الدلالة لإمكان تعلقه معه، فوجب بقاء كونه مأمورًا بأن يكون صائمًا مطلقًا، ثم لما لم يمكن كونه صائمًا مطلقًا بعد فواته عن يوم الجمعة إلى أن يكون صائمًا في يوم آخر بعدها لا جرم دل ذلك الخطاب على وجوب الصوم في يوم آخر بعدها بطريق الالتزام. وهو أيضًا باطل.
أما أولاً: فلأنا / (١٥٤/أ) لا نسلم أن فوات الخصوصية لا تعارض تلك الدلالة، وما ذكره من الدلالة عليه فإنما يدل على أنه ليس بمعارض قاطع له ولا يدل على أنه ليس بمعارض له أصلاً، فجاز أن يعارضه بطريق الظهور، أو بطريق التساوي، والأصل عدم الوجوب، فعليكم إفساده لأنكم المستدلون، ثم الذي يدل على أن فوات خصوصية الزمان يعارض تلك الدلالة أن تخصيص العبادة بزمان معين، إن كان لمعني فيه لا يوجد في غيره من الزمان وجب أن لا يكون القضاء مشروعًا بتقدير فواتها عنه، لأن القضاء شرع لاستدراك مصلحة الفائت، وهو غير حاصل حينئذ، وإن لم يكن كذلك سواء كان ذلك بأن يكون التخصيص لا لمعني فيه أو بمعني فيه، لكن يوجد مثله في غيره وعلى التقديرين وجب أن يتخير بينه وبين غيره وأن لا يكون للتخصيص فائدة.
سلمنا: أنه لا يعارض تلك الدلالة. لكن دليلكم منقوض بالعبادات المختصة بالمكان كأفعال الحج، وبالشروط كاستقبال جهة معينة، والشخص كتخصيص صرف الزكاة بالمساكين. وكتخصيص الضرب والقتل بشخص معين، وببعض العبادات المختصة بالزمان كالجمعة والوقوف بعرفة في يوم عرفة والأضحية، ورمي الجمار.