للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لا يتصور فعله بدون تركه، وهو من مقدوراته فيكون تركه مأمورًا به ولا نعني بكونه منهيًا عنه سوى هذا.

نعم لو جوزنا التكليف بالمحال لم يكن الأمر بالشيء نهيًا عن ضده، بل يجوز أن يكون مأمورًا به معه.

واعلم أن النافين عند هذا تفرقوا فريقين وتحزبوا حزبين.

فمنهم كبعض المعتزلة: لم يعترفوا بأن الأمر بالشيء أمر بما لا يتم الشيء إلا به، والكلام معهم في إثبات هذا الأصل نفيًا وإثباتًا قد تقدم.

ومنهم: من سلم هذا الأصل كإمام الحرمين والغزالي رحمهما الله.

لكن منهم: من منع عموم هذه القاعدة، وقال: إن الأمر بالشيء أمر بما لا يتم إلا به، لكن بالنسبة إلى ما يكون وسيلة وطريقًا إلى فعل الواجب لئلا يعتقد المأمور أنه غير مأمور بالفعل حال عدم ما يتوقف عليه الفعل لاعتقاده أن الفعل ممتنع الوقوع عنده فيقتضي إلى أن لا يفعل الواجب أصلاً، فأما ما ليس كذلك بل يتبع وجوده وجود المأمور به كصوم أول جزء من الليل، فلا نسلم ذلك فيه، وترك ضد المأمور به كذلك، لأنه لا يقصد به فعل المأمور به وهو يحصل بفعله من غير قصد ولا شعور.

<<  <  ج: ص:  >  >>