غير أن بعضهم: نقل أن الفرق كلها أجمعوا على جواز التكليف بما علم الله تعالى أنه لا يكون من الممكنات عقلاً، وعلى وقوعه شرعًا كالتكليف بالإيمان لمن علم الله أنه لا يؤمن كأبي جهل، إلا بعض الثنوية فإنه ذهب إلى امتناعه أيضًا.
فإن صح هذا النقل يجب أن يفصل بين ما يكون محالاً بسبب تعلق العلم بعدم وقوعه وبين ما لا يكون كذلك فينسب إليهم امتناع التكليف بالقسم الثاني دون امتناعه مطلقًا، إذ لا يشك أن الممكن يستحيل وقوعه بسبب تعلق العلم الأول بعدم وقوعه، لأن وقوعه يستلزم انقلابه جهلاً وهو محال فالمستلزم له أيضًا كذلك، لأن مستلزم المحال محال.
ومنهم: من فصل بين ما يكون محالاً لذاته، وبين ما لا يكون كذلك، فأجاز التكليف بالقسم الثاني، دون القسم الأول، وإليه ذهب بعض معتزلة بغداد إذ قالوا: يجوز أن يكلف الله تعالى العبد بالفعل في وقت علم الله تعالى أنه يكون ممنوعًا عنه.