التفصيل وإلا لوجب أن لا يجب إثبات العلة عند العلم بالمعلول، وكذلك بالعكس وما يجري مجراهما، نحو العلم بالملزوم وأحد المضافين، فإن كان قائلاً بالتحسين والتقبيح مع ذلك لزمه القول أيضًا باستحالة تكليف ما لا يطاق، وإلا فجاز أن يقول: باستحالته كما ذهب إليه بعض فقهائنا، وجاز أن يقول: بإمكانه كما ذهب إليه جمهور أهل السنة، إما مع الوقوع أو عدمه، كما اختلف نقل ذلك عن الشيخ أبي الحسين - رحمه الله تعالى -.
هذا هو المأخذ والكلام الكلي في المسألة فلنشرع الآن في الحجاج جريًا على المألوف.
فنقول: احتج القائلون بإمكانه بوجوه: بعضها تدل على إمكانه مطلقًا، وبعضها تدل على إمكانه ووقوعه لكن فيما يكون محالاً لغيره:
فأولها: وهو الوجه السمعي قوله تعالى: {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا [به]}.
ووجه الاستدلال به: أنهم سألوا من الله تعالى دفع ما لا طاقة لهم به، والله تعالى قررهم على ذلك، وحكي عنهم في سياق المدح والثناء عليهم والحق على الدعاء به، فلو كان التكليف بما لا يطاق محالاً لما سألوه، ولما قررهم الله تعالى على ذلك ولا ندب غيرهم إليه لكون ذلك مندفعًا بنفسه فكان طلبه تحصيلاً للحاصل.
فإن قلت: دلالة الآية على المطلوب ممنوعة، وهذا لأن التحميل ليس حقيقة في التكليف حتى يكون معنى قوله تعالى:{ولا تحملنا} لا تكلفنا،