سلمنا: أنه بالمعنى المذكور، لكن لا نسلم: أنه يلزم من الرضا بالقضاء الرضا بالكفر، وهذا لأن الكفر ليس نفس القضاء، بل هو بالقضاء.
وهذا كما تقول: القتل بقضاء الله، وليس نفس القضاء نفس القتل.
وكما تقول: الكفر لا يكون إلا بعلم الله تعالى، ثم علمه بالكفر ليس نفس الكفر فكذا هنا، فلا يلزم من الرضا بالقضاء، الرضا بما هو بالقضاء.
أو نقول: الكفر ليس نفس القضاء، بل هو المقضي ولا يلزم من الرضا / (١٧٦/أ) بالقضاء، الرضا بالمقتضي، ألا ترى أن الواحد منا قد لا يرضي ولا يريد ما قضي الله له من الأمراض والآلام، وإن كان راضيًا بقضائه وقدره تعالى.
وخامسها: لو كان فعل العبد مخلوقًا لله تعالى [لكان الكفر والمعصية والطاعة كلها مخلوقًا لله تعالى] ضرورة أنها من جملة أفعاله، وحينئذ يلزم أن لا يحسن ذم العبد وعقابه، على الكفر والمعصية، ولا يحسن إثابته وشكره على الطاعة، ولكان ضرر الله على عبده أكثر من ضرر إبليس عليه اللعنة، لأن إبليس داع إلى المعصية فقط، قال الله تعالى حكاية عنه:{ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي}.
وأما سبحانه وتعالى فخالق للكفر فيه "بحيث" لا مندوحة له عنه، ثم معاقبة عليه، لكن اللازم باطل، إذ العقلاء مطبقون على حسن ذم المسيء وعقابه، وحسن إثابة المحسن وثنائه، وعلى كونه تعالى رحميًا رؤوفًا لعباده.