وإياك والأمراء أن تدنو منهم وتخالطهم في شيء من الأشياء، وإياك أن تخدع فيقال لك: تشفع وتدرأ عن مظلوم، أو ترد مظلمة، فإن ذلك خديعة إبليس، وإنما اتخذها فجار القراء سلمًا.
وكان يقال: اتقوا فتنة العابد الجاهل، والعالم الفاجر، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
وما لقيت من المسألة والفتيا فاغتنم ذلك ولا تنافسهم فيه.
وإياك أن تكون كمن يحب أن يُعْمَل بقوله أو يُنشر قوله، أو يسمع من قوله، فإذا ترك ذاك منه عرف فيه.
وإياك وحب الرياسة فإن الرجل تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة، وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة، فتفقد نفسك واعمل بنية، واعلم أنه قد دنا من الناس أمر يشتهي الرجل أن يموت. والسلام. [الحلية (تهذيبه) ٢/ ٣٦٦].
• وعن مبارك أبي حماد قال: سمعت سفيان الثوري ﵀ يقرأ على علي بن الحسن السليمي:
يا أخي لا تغبط أهل الشهوات بشهواتهم، ولا ما يتقلبون فيه من النعمة، فإن أمامهم يومًا تزل فيه الأقدام، وترعد فيه الأجسام، وتتغير فيه الألوان، ويطول فيه القيام، ويشتد فيه الحساب، وتتطاير فيه القلوب حتى تبلغ الحناجر، فيا لها من ندامة على ما أصابوا من هذه الشهوات ......
ولا تتهاون بالذنب الصغير، ولكن انظر من عصيت؟ عصيت ربًا عظيمًا يعاقب على الصغير، ويتجاوز عن الكبير، وإن أكيس الكيس من يدخل الجنة بذنب عمله فنصبه بين عينيه، ثم لم يزل حذرًا على نفسه من تلك الخطيئة، حتى فارق الدنيا ودخل الجنة، وإن أحمق الحمق من دخل النار بحسنة واحدة نصبها بين عينيه، ولم يزل يذكرها ويرجو ثوابها ويتهاون بالذنوب حتى فارق الدنيا ودخل النار.
فكن يا أخي كيسًا حذرًا على ما زل منك ومضى، لا تدري ماذا يفعل