والرغبة فإن الرغبة تقسي القلب، وإياك والحرص على الدنيا، فإن الحرص مما يفضح الناس يوم القيامة، وكن طاهر القلب نقي الجسد من الذنوب والخطايا، نقي اليدين من المظالم، سليم القلب من الغش والمكر والخيانة، خالي البطن من الحرام، فإنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت.
كف بصرك عن الناس، ولا تمشين بغير حاجة، ولا تكلمن بغير حكم، ولا تبطش بيدك إلى ما ليس لك، وكن خائفًا حزينا لما بقي من عمرك، لا تدري ما يحدث فيه من أمر دينك.
وإياك أن تلي نفسك من الأمانة شيئًا، وكيف تليها وقد سماك الله ظلومًا جهولاً؟ أبوك آدم لم يبق فيها ولم يستكمل يوم حملها حتى وقع في الخطيئة، أقل العثرة، واقبل المعذرة واغفر الذنب، كن ممن يرجى خيره ويؤمن شره.
لا تبغض أحدًا ممن يطيع الله، كن رحيمًا للعامة والخاصة، ولا تقطع رحمك، وصل من قطعك وصل رحمك وإن قطعك، وتجاوز عمن ظلمك تكن رفيق الأنبياء والشهداء.
وأقلّ دخول السوق فإنهم ذئاب عليهم ثياب، وفيها مردة الشياطين من الجن والإنس، وإذا دخلتها فقد لزمك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنك لا ترى فيها إلا منكرًا، فقم على طرفها فقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فقد بلغنا أنه يكتب لقائلها بكل من في السوق عجمي أو فصيح عشر حسنات، ولا تجلس فيها، واقض حاجتك وأنت قائم، يسلم لك دينك.
وإياك أن يفارقك الدرهم فإنه أتم لعقلك، ولا تمنعن نفسك من الحلاوة فإنه يزيد في الحلم، وعليك باللحم ولا تدم عليه ولا تدعه أربعين يومًا فإنه يسيء خلقك ولا ترد الطيب فإنه يزيد في الدماغ، وعليك بالعدس فإنه يفرز الدموع ويرق القلب.