للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وعن الهيثم حدثني بعض أصحاب جعفر بن محمد الصادق . قال: دخلت على جعفر وموسى بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية، فكان مما حفظت منها أن قال:

يا بني، اقبل وصيتي واحفظ مقالتي فإنك إن حفظتها تعيش سعيدًا، وتموت حميدًا؛ يا بني، من رضي بما قسم له استغنى، ومن مدّ عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرًا، ومن لم يرض بما قسمه الله له اتهم الله في قضائه.

ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه؛ يا بني، من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئرًا سقط فيها.

ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم.

يا بني، إياك أن تزري بالرجال فيزرى بك، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك.

يا بني، قل الحق لك أو عليك تستشار (١) من بين أقرانك.

يا بني، كن لكتاب الله تاليًا، وللإسلام فاشيًا، وبالمعروف آمرًا، وعن النكر ناهيًا، ولمن قطعك واصلاً، ولمن سكت عنك مبتدئا، ولمن سألك معطيًا.

وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، وإياك والتعرض لعيوب الناس، فمنزلة التعرض لعيوب الناس بمنزلة الهدف (٢).


(١) في الأصل: تستشان وهو تحريف كما في حاشية تهذيب الكمال ٥/ ٩٠، والمثبت من تهذيب الكمال.
(٢) الهَدَفُ: كل شيء مرتفعٍ، من بناء أو كثيب رملٍ أو جبلٍ، ومنه سمِّي الغرض هَدَفًا. وبه شبِّه الرجلُ العظيم. وأَهْدَفَ على التلِّ: أشرفَ. وامرأةٌ مُهْدِفَةٌ، أي لَحيمَةٌ. وأَهْدَفَ إليه، أي لجأ. وأَهْدَفَ لك الشيءُ واسْتَهْدَفَ، أي انتصب. ويقال: رَكَبٌ مُسْتَهْدِفٌ، أي عريضٌ. والهِدْفَةُ: القِطعة من الناس والبيوت. الصحاح في اللغة، مادة: (هدف).

<<  <   >  >>