السبت إلى الصحراء وأن يتوبوا ويخرجوا من المظالم ففعلوا ذلك وصاموا ومنع الطباخون من طبخ الأطعمة وصاروا ينكرون على من أفطر إنكاراً شديداً ولا يجترئ أحد على الفطر وتتبع الحاجب خموراً كثيرة فأراقها، وبلغنا أنهم استسقوا بحماة وببعلبك وحمص وغيرها ولم يقع إلى الآن مطر فإن المطر تأخر تأخراً زائداً وأما مياه الأنهار فإلى الآن وهو الثاني والعشرون من شهر آذار يوم الخميس لم تدفع العين شيئاً وبرداً كهيئته في أول الشتاء بل أقل لا يجري إلا ساقية صغيرة في جانبه وقد صار مرجاً أخضر والناس يمشون فيه بوادي الشقرا وهذا شيء لم نعهده منذ دهر، وكانت العادة في مثل هذه الأيام يكون بردا ملآن والله يلطف.
ويوم الجمعة ثالث عشريه صُلي على غائب وهو الشيخ إبراهيم الأخلاطي الأزوردي مات بمصر وكان أقام بها سنوات توفي في آخر الشهر الماضي.
ويوم السبت رابع عشريه وهو الرابع والعشرون من آذار خرج الناس للاستسقاء بسفح جبل المزة وشرعوا في الخروج من الليل أفواجاً أفواجاً فما طلعت الشمس إلا وقد امتلأ السطح ثم جاء الناس من كل فج وخرج الخطيب عقيب صلاة الصبح بعدما صلى في أول الوقت ولم يصل إمام المشهد قبله ومشى ومشى القاضي الحنبلي معه والناس في ثياب البذلة بغير فرجية ولا طيلسان، وخرج الحاجب وهو نائب الغيبة والأمراء والفقراء كلهم مشاة، فما وصل الخطيب إلى ربع النهار تقريباً من شدة الزحمة فصلى ركعتي الاستسقاء وخطب بهم خطبة بليغة وضج الناس بالدعاء وطلب السقيا واستغاثوا واستغاثوا وأخذ الشيخ إبراهيم الصوفي محمولاً لضعفه عن المشي والركوب فدعا بالناس وكان يوماً مشهوداً ملأوا السفح والجبل ولم يعهد الناس الخروج للاستسقاء من سنة تسع عشرة أدركه المسن منهم وكان ذلك الاستسقاء بوطأ داريا عند مسجد القدم في يوم السبت منتصف صفر سابع نيسان بعدما نودي بالخروج والصيام في عاشر الشهر وشرعوا في قراءة صحيح البخاري وقنت الخطباء أياماً وخرج النائب ومن دونه مشاة على الهيئة المشروعة وخطب الشيخ بهم صدر الدين الداراني تلميذ النواوي وهو