حضوره مع الناس فعرضوا بسبه فنهاهم بعض من ينسب إليه فلم يدر إلا والحجارة ساقطة عليه مثل المطر وقام الناس فتركوا ما كانوا فيه من الخشوع وصار بين راجم وناظر وهارب ومتنقل من مكان إلى مكان فكأنه هرب خطوات فأكبوا عليه ورما رجل بحجر في وجهه فضربه، وجاء آخر فاحتز رأسه وجاؤوا إلى الحاجب فلم يتغير من مكانه، وفرغ من أمره في أسرع وقت وقطعوه قطعاً، وأعقب ذلك مجيء الخطيب وهم في الصلاة، وطائفة من العوام قد أخذ بعضهم جثته فسحبه إلى المدينة، وآخرون حملوا رأسه على رمح وصاروا إلى تحت القلعة فأحرقوه وذهبوا إلى بيته فنهبوه ونهبوا بعض الطواحين المنسوبة إليه وأخذوا ما فيها من الغلة، وترك جماعة صلاة الاستسقاء بهذا السبب.
وكان رجلاً طوالاً أسمر في لسانه لثغة يبدل السين ثاء وكان أسود اللحية من أبناء الخمسين أو أكثر وحج سنة ست وثمانين وبنى حماماً حسناً في هذه السنة عند باب الجابية، والناس ينسوبه إلى سوء الاعتقاد.
ثم قبض على قاتله واعترف وقال: سمعت تاجراً بالرماحين يقول لعبد اسمه مبارك إن قتلت ابن النشو أعطيتك ثلاثة آلاف، فقلت له: أنا شريكك فلما كان يوم الاستسقاء ورجمه الناس وجدت فرصة فقتلته، فقيل له من التاجر؟ فقال: لا أعرفه إلا بوجهه فقبض على التجار واحداً واحداً فاعترف على واحد فأنكر ثم تسرعوا فقبضوا على جماعة لا مدخل لهم في قتله بل مجرد كونهم فرحوا أو نحو ذلك.
ويوم الأحد خامس عشريه زاد ولله الحمد النهر وقوي الماء ولم يكن قبل ذلك زاد شيئاً، وكان الناس يقتتلون على الماء، وترك خلق من الناس زرع المقاثي في هذه السنة ثم رجع إلى ما كان واستمرت الرياح والغيوم عقب الاستسقاء أياماً وحصل برد وجاءت الأخبار بوقوع مطر بالبلاد القبلية والغربية ونشفت قناه زملكا (١) وغيرها وما حول البلد من ناحية الشمال،
(١) زملكا -قال ياقوت -قرية بغوطة دمشق منها جماعة من الأعلام- معجم البلدان ٣/ ١٦٨ (٦٠٦٢).