عيسى بن عثمان بن عيسى بن غازي الغزي الشافعي بقاعته التي أنشأها بمدرسة أم الصالح وصُلي عيه عقيب صلاة الظهر بالجامع ودفن بمقبرة الباب الصغير ومشى قاضي القضاة في جنازته والفقهاء وغيرهم، وقد اختلف جماعة في وقت وفاته فقال لي صهره أنه مات عند اشتهار خبر موته في الساعة الثالثة، وقال لي غيره بل مات بعد الفجر وبلغني عن بعض نسائه أنه مات بعد العشاء وأخفوا موته إلى الغد لجمع ماله والله أعلم.
وكان مرض نحو تسعة أشهر منذ توجه إلى الغور وكان الذين توجهوا إلى الغور من القضاة والشهود جميعهم ضعفوا إلا واحداً، فمنهم من مات بالقدس قبل أن يرجع وهو نائب المالكي ومنهم من مرض بعد رجوعه، والذين مات منهم قاضيان وشاهدان وهذا آخرهم وله نحو ستين سنه فإنه قدم دمشق للاشتغال في سنة تسع وخمسين وله نحو عشرين سنة فاشتغل في الفقه وأخذ عن والدي والحسباني والغزي والقاضي تاج الدين وولاه قضاء داريا، ثم ولي قضاء بيت أيما وسافر إلى ابن الخابوري بطرابلس فأذن له في الإفتاء، ولم يزل مواظباً على الاشتغال والمطالعة إلى أيام القاضي ولي الدين فأخذ تصديراً على الجامع وتصدى للإشغال واعتنى بذلك وكثرت طلبته ثم تصدى للفتوى ودرس بعد موت القرشي بالمسرورية ثم نزل له عن تدريس الرواحية بجملة دراهم قبل موته بنحو ثلاث سنين وناب في الحكم للقاضي سري الدين وهو الذي نوبه وأشهره، وناب أيضاً عن القاضي علاء الدين وعن الباعوني، وكان يعتمد عليه ويركن إليه، ولم يكن بالمحمود فنزغ الشيطان بينهما وعزله وأظهر عنه أموراً كان يكرها.
وفي الجملة فلم يكن بالمحبب إلى الناس بل كانوا يمقتونه، وكان من أعيان الفقهاء إلا أنه كان قاصر الفهم ومتساهلاً في نقله لم يزل يتهم وكان ربما أتى في ذلك من جهة الفهم لا التعمد.
وكان في أول أمره فقيراً فحصل مالاً من مواريث زوجات تزوجهن فأثرى وكثر ماله والله تعالى يعفو عنه ويسامحه.
وسمع من ابن الجوخي والنشابي وسمع من ابن رافع وغيره، وكان نزل لولده عن جميع وظائفه وأمضاه القاضي سري الدين على الوجه الشرعي