كان الناس يأتونه أفواجًا ليسمعوا قراءته حتى المعروفون بالأصوات والأنغام كالفاخوري ونحوه، وخطب يوم الجمعة خطبة فاق بها كل أبناء جنسه حضرها قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء وبالغ في شكره وروى بسنده حديثًا بحضرته من المسند، ولاه وظائف وباشر عدة وظائف ثم تركها ودرس عني بالظُبْيَانية، ثم كان في آخر أمره صوفيًا بخانقاه عمر شاه وفقيهًا بالركنية واستدعاه ابن تنكز ليؤم الناس في التراويح بجامع جده في هذا العام فكان الناس يأتون أفواجًا لسماع قراءته وكان يقرأ صحيح البخاري ومسلم قراءة جيدة وفهمه في العلم جيد وله مشاركة في فنون وألف كتابًا في الدعاء حذو "سلاح المؤمن" سماه "جنة المتقي" وألف مولدين ورثاه الشيخ سلمان القابوني الصوفي بخانقاه خاتون وغيره وقرئت المراثي بالمقبرة وبكى الناس.
وليلة الأحد حادي عشريه كان الحريق العظيم قبلي الجامع الأموي وقع في أثناء الليل، خرج من موضع بالقرب من المدرسة الجوزية فاحترق الجانبان وأخذ قبله إلى البزوريين وانتهى إلى حمام نور الدين وما يقابله من الجانب الآخر وأخذ غربًا إلى الحويرة إلى قيسارية السلاح وشمالًا إلى جدران النحاسين فاحترقت القيسارية البهنسية والصاغة وحوانيت الزيادة وبعض الأبنية واستمر الحريق عمالًا إلى آخر نهار الاثنين، وكانوا قد قطعوا عنهم يوم الأحد عن البهنسية وعن عمارات الأمينية ثم تركوه آخر النهار تهاونًا فلم يشعروا إلا وقد عملت النار في الجانبين إلى أن انتهت إلى ما انتهت فالحكم لله العلي الكبير.
ويوم الاثنين ثاني عشريه ولي القطب النحاس الحسبة وخلع عليه بذلك وعزل ابن منصور ورسم عليه بالعذراوية، شكى عليه السمانون والطحانون يقال أنه أحدث على الطحانين معلومًا مقررًا والله أعلم.
ويوم الثلاثاء ثالث عشريه توفي الصدر تاج الدين محمد (١) بن القاضي الفاضل صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي الموقع مطعونًا وصلى عليه من