وصل إليه خبر المصريين ووصل يوم الثلاثاء خامس عشريه في أبهة هائلة وضربت البشائر على القلعة.
وجرى بطرابلس كائنة غريبة في غيبة نائبها يونس الرماح مع جمهور العسكر وهي أن مركباً وصل ليلة السبت وهو سادس عشر في تاريخهم من الديار المصرية فيه نحو عشرة أنفس مغاربة وغيرهم وفيهم أميران يقال لأحدهما أمير أسد والآخر ابن بهادر صاحب البرج وهو برج الأمير إيتمش ولكن نسب إلى الذي عمّره ومعهم كتاب السلطان والخليفة والأُمراء إلى أهل طرابلس وإلى القضاة بأن أميراً منهم يكون حاجب الحجاب ونائب الغيبة، ويقال أن معهم تولية الحاجب النيابة فوجدوه قد قتله النائب، فلما وصل في الثلث الأول من الليل إلى الميناء رفعوا النيران وحصل ضجة واشتهر أنه مركب للإفرنج وشاع أنهم أخذوا الميناء، فخرج الناس على اختلاف انواعهم بالسلاح مبادرين نحو الصوت إلى الميناء فوجدوهم مسلمين فرجعوا وقد نزلوا من المركب فملكوا برج إيتمش فعند ذلك خرج نائب الغيبة عن النائب وهو الحاجب الذي ولاه اسمه قجقار ومن بقي من العسكر ودوادار النائب ومعهم القضاة فسألوهم فأخبروهم بالحال وقرئت الكتب التي معهم فرجع القضاة واستمر نائب الغيبة ومن معه يناوشهم للقتال وتنادوا وقتل طائفة من العسكر وكان كلما قتل واحد أخذ أهل البرج فرسه ولم يكن معهم خيل البتة واستمروا على ذلك إلى بعد الظهر.
فلما رجع القضاةَ اجتمعوا بالجامع وتشاوروا في تنفيذ كتاب السلطان والعمل به، وكان ابن الأذرعي الذي كان قاضيها في وقتٍ مالكياً، جاءه مع هؤلاء ولايةٌ عوضاً عن رجل يقال ابن شاش كبير -بمعجمتين- فلبس الخلعة من الغد، فلما اجتمعوا اقتضى رأيهم على قراءة كتاب السلطان والملطفات على العوام فقرئ ذلك ثم أمروا برفع الأعلام على الميادين فرفعت وكبر العوام وهفلوا وارتجّت البلد بالتكبير.
ثم بادر العوام إلى نهب بيت نائب الغيبة فلما بلغ ذلك قجقار ولى هارباً إلى ناحية حمص، وعاث العوام فساداً وطلعوا القلعة وكسروا أبوابها