ونهبوا حواصل النائب الغائب، ودخل أصحاب البرج البلد ونهبوا معهم ولم يزل الأمر كذلك إلى آخر النهار فنودي بالأمان وشرعوا في الولاية والعزل والحكم واحتاطوا على مغلات الأمراء.
ولم يزل الأمر على ذلك إلى يوم الثلاثاء ثامن عشره فجاء من جهة النائب وقد بلغه الخبر رجلان أحدهما ابن أمير أسد وهو أخو الذي جاء من مصر والآخر العيساوي دوادار جلبان، فذكرا أنهما جاءا في الصلح فقويت نفوس العوام وغلقوا الأسواق وأخذوا في تحصين البلد وجمع آلات الدفع وحملوا الحجارة إلى الأسطحة وآلات الحرب وأطلقوا لسانهم في النائب وتهابوا لدفعه إذا جاء وعدم تمكينه من البلد.
فلما كان من الغد يوم الأربعاء تاسع عشره إذا هم بعسكر قد براءهم من ناحية النائب مع نائب الغيبة ومن كان معهم وفيهم الأمير صُرُوق أحد المقدمين بدمشق فاحتاطوا بالبلد من كل جانب ودار بينهم وبين العوام القتال وقتل جماعة من الطائفتين.
وكان القضاة قد توجهوا إلى ناحية العسكر فحمل عليهم بعضهم فرجعوا هاربين إلا المالكي الجديد فإنه حمل رمحاً وصار يقاتل، ووقعت عمامة الشافعي فرجع بالطاقية، ودام الأمر على ذلك إلى بعد العصر فرجع العسكر إلى وطاقهم.
ثم وقع قتال في يوم الخميس بين طائفة من العسكر وبين العوام وجعلت عوام البلد أحزاباً لكل حزب كبير، وذلك باتفاق من كبراء البلد والقضاة.
ولم يزل الناس في هذه الأيام في الأراجيف والصراخ في الليل ولم تقم الجمعة إلا في البرطاسية، ثم عادوا القتال يوم الأحد ثالث أو رابع عشريه.
فلما كان يوم الاثنين وصل نائب البلد والعساكر فهجموا على البلد وبذلوا السيف فيها وأسروا القاضي الحنبلي الموفق وابن الأذرعي المالكي وابن الأخلصي الحنفي ورجل يقال له جمال الدين النابلسي كان مفتي البلد