المشي وأخذت ثيابهم ومنهم من تستر بعباءة وشدّ على رجله ما يمكنه المشي عليها ودخلوا البلد على هذه الحال من هراب العسكر وأهل حلب من بدء ليلة الأحد ..... من الجانب الذي أحرقوه من السور ومنهم من أُسر ..... ، ويقال: إن طائفة منهم وصلوا إلى حماة ففعلوا كفعلهم في حلب.
ثم زاد ابن المدني لما رجع زيادات منها أن العسكر كانوا يتعاطون من المظالم وشرب الخمر ما نستحق ذلك، وأن ليلة السبت جاءهم من يحذرهم بأنهم من الغد يكبسوهم فداروا على النواب فلم يتمكنوا من الاجتماع بهم فلما أصبحوا وجدوا عسكر تمرلنك وصل إلى المكان عسكرنا يصلون إليه فلم يكن إلا كلمحة طرفٍ حتى ولوا الأدبار ينزعون ما عليهم من الثياب تخفيفًا ويلبسون ما يختفون به وجاءهم النداء من كل مكان.
ويوم الاثنين ثالث عشره أول تشرين الثاني.
ويوم السبت ثامن عشره توفي الفقيه الفاضل شمس الدين محمد (١) بن يعقوب الحمصي ببيت الخطابة من جامع التوبة وكان فيه في الإمامة والخطابة أحيانًا ويشهد بمركز مسجد القصب واشتغل في الفقه والعربية وهو رجل جيد ثقة، حصل له وجع في ظهره عجز به عن الحركة واستمر مدة ثم توفي وأظنه في عشر الخمسين إلا أنه ظهر فيه الشيب كثيرًا.
وكان الحاجب نائب الغيبة نازلًا بداره ببيت جردمر فاجتمع قاضي القضاة وغيره وأشاروا عليه بالسكنى بدار السعادة وكان ابن الشيخ علي قد رجع بمن معه لما وصل إليه خبر حلب وطلب يرجع إلى حوران فاتفق الرأي على إقامته هنا وأن يجعل كل أمير على باب، وكان حاجب الحجاب على باب النصر وابن الشيخ علي باب الجابية والأمير أسن بيه وكان ضعيفًا عند خروج العسكر وهو متوقع اللحاق بهم فلما نقه وهمّ بالتوجه ثم جاء الخبر، وهو من المقدمين فأُعطي بابًا وكذلك سائر الأبواب، وهدم وأحرق
(١) تاريخ ابن قاضي شهبة ٤/ ٢٤٨، بهجة الناظرين ١٠٦.