الوقعة العظيمة في الليل في ضوء القمر، وهي ليلة الخميس ثالث عشره عند الصعيدية وثار النقع حتى كان الرجل لا يعرف صاحبه وكانت جولة واختلطوا واستداروا حتى كان الشاميون من ذلك الجانب ظهورهم إلى ناحية القاهرة ووجوهم إلى الشام وعسكر السلطان على العكس من ذلك، ثم انكسر جيش المصريين وهرب السلطان أخذه فلان البدوي فأوصله إلى بلبيس ثم أركبه الهجين وأوصله إلى القلعة بعد أن نزل بتربة والده ثم ركب من هناك الخيول إلى القلعة ومعه الأمير الكبير ومن بقي أدركه من الأمراء، وأسروا جماعة مماليك السلطان كثيرون وأمراء ذو عدد فأحضروا بين يدي نائب الشام واحتيط عليهم، وممن جاء إليه أخوه خيربك نائب غزة وكان كما قدمنا مالأ عليه وتوجه مصر فلما رأى الكسرة أقبل إليه وكذلك الأمير صروق الذي ولي نيابة الشام وجاء إليه أيضاً دواداره يلبغا الذي ولاه القدس ففعل ما فعل كما تقدم فضربه بالسيف فأصاب بعض وجهه وكتفه ضربة انجرح منها ووقع في أسره ثم هرب، وأما صروق فأُسر وجيء به إلى النائب فسبه ووبخه وقال:"أنت تأخذ مني نيابة الشام"، ثم أشار إلى مملوك له يأخذه فأخذه وضرب عنقه وقتل جماعة، وقتل دوادار النائب شاهين السناني مملوكه جاء إلى النائب، ومنهم قاضي القضاة جلال الدين ابن الشيخ ولم نكن علمنا أنه عاد إلى المنصب إلا من هذه القضية، ثم وقع في الأسر الخليفة المتوكل على الله فاحتفظ عليه.
ثم قصد العسكر الشامي بلبيس فترووا منها واستراحوا وكانت خيولهم قد تعبت ثم توجهوا إلى القاهرة فنزلوا البركة وأقاموا بها يوماً أو يومين فلم يأتهم أحد ثم تقدموا ثم نزلوا عند تربة السلطان الظاهر ثم خرج إليهم المصريون فاقتتلوا وحمل الشاميون عليهم حتى كادوا يصلون إلى القلعة، وتفرق الأمراء المصريون الذين مع الشاميين حول القلعة وفي البلد وفي الجملة فملكوا البلد سوى القلعة وأيقنوا بالظفر والنصر ولم يبق عندهم في ذلك تردد، فلم ينشبوا أن خامر الأمراء الشاميون وتوجهوا واحداً واحداً آسن باي وسودون اليوسفي