وتوجهت في هذه الحالة إلى الجامع لصلاة الجمعة فلمَ أجد بالجامع إلا عدداً يسيراً ثم امتلأت المقصورة وقلّ من حولها وخارجها، ثم هدأ أمر الشاس وباتوا كذلك.
فلما كان بكرة الغد وصل نائب الشام ودواداره والأمير دمرداش وطائفة كثيرة من جماعة النائب وأمراء أيضاً فنزلوا دار السعادة واستدعى النائب بالخيول والبغال ليحمل عليها وتلاحق به العسكر طائفة بعد طائفة، وقيل لنا أن الوقعة كانت بالرستن وإن النائب والجماعة المعتبرين كانوا في الميمنة والعرب بالميسرة وأن الحلبيين حملوا على الجهة التي فيها النائب فأزالوهم فكانت الكسرة وتحول النائب إلى جهة العرب وعطف العسكر الشمالي على العرب وكانت العرب قد قاتلوا وثبتوا على ما قيل، فرجع العسكر إلى دمشق والأمر على هذه الحالة.
وأقام النائب يومئذ بدمشق وأخذ خيولاً وبغالاً وغير ذلك ووفي أثمانهم من العُسكر ولم يترك لأحد شيئاً على ما بلغني، ثم توجه للسفر في بكرة يوم الأحد وقد التف عليه جماعة وخرج والزمر بين يديه، فلما كان في أثناء النهار وصل الأمير نكبيه فنزل بالدار التي كان نازلاً بها شرقي الميدان وجاء دوادار الأمير نوروز أزبك فنزل بدار السعادة ووصل أيضاً شرباش، وولي ابن الحازمي الولاية وابن منصور الحسبة.
فصل الصيف نقلت الشمس إلى برج السرطان في الساعة الثالثة عشر من نهار الأحد سادس عشريه وقد بقي للغروب سبع وعشرون درجة، ثالث عشر حزيران تاسع عشر بونة وهو النيروز الصعيدي يسبق نيروز القبط بسبعة وسبعين يوماً.
ويومئذ نزل الأمير نوروز بالقصير وتهيأ الناس لملاقاته وشعلت الشموع له فتوجه للسلام بكرة الغد القاضي علاء الدين ابن أبي البقاء وبقية القضاة خلا القاضي شهاب الدين ابن الحسباني فإنه هرب مع الهاربين وكذلك القاضي علاء الدين نقيب الأشراف فتوجهوا كلهم كذلك فسلموا عليه