دَوَاءٍ مُفْرَدٍ دُونَ إزَالَةِ اعْوِجَاجِ السَّيْفِ بِدِقَّةٍ تَزِيدُهُ مَالًا كَثِيرًا لِدِقَّةِ نَظَرِهِ وَحَذَاقَتِهِ.
وَالثَّالِثُ إيقَاعُ الْمَحَبَّةِ فَقَطْ لِتَأْكِيدِ الصُّحْبَةِ وَهُوَ هَدِيَّةٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» .
وَالرَّابِعُ: إيقَاعُهَا لِلتَّوَسُّلِ بِهَا إلَى أَغْرَاضٍ بِتَعْيِينِ جِنْسِهَا بِحَيْثُ لَوْ لِجَاهٍ كَعِلْمٍ أَوْ نَسَبٍ فَأَمْرُهُ أَخَفُّ لِأَنَّهُ هَدِيَّةٌ فِي الظَّاهِرِ وَأَخْذُهُ مَكْرُوهٌ أَوْ لِوِلَايَةٍ فَهُوَ رِشْوَةٌ فِي مَعْرِضِ الْهَدِيَّةِ اخْتَلَفُوا فِي حُرْمَتِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى شِدَّةِ كَرَاهَتِهِ انْتَهَى ثُمَّ قَالَ فِي الزَّيْنِيَّةِ مَا حَاصِلُهُ الرِّشْوَةُ حَرَامٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى - {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩]- وَنَحْوُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي وَلَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ» .
وَأَمَّا أَقْسَامُهَا مِنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ فَقَالَ قَاضِي خَانْ هِيَ أَرْبَعَةٌ لِتَقَلُّدِ الْقَضَاءِ فَحَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ وَالْمُعْطِي وَلَا يَصِيرُ قَاضِيًا لِلْقَاضِي لِيَقْضِيَ لَهُ فَحَرَامٌ لَهُمَا أَيْضًا بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِنْ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَحَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ فَقَطْ وَنَحْوُهُ إعْطَاؤُهَا لِمُرِيدِ مَالِهِ لِيُخَلِّصَ مَالَهُ وَإِنْ أَعْطَى لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ بِهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَلَا طَرِيقَ غَيْرُهُ حَلَّ لَهُ فَقَطْ دُونَ أَخْذِهَا وَحِيلَةُ حِلِّ الْأَخْذِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْآخِذُ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ بِمَا يُرِيدُ دَفْعَهُ إلَيْهِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُسَوِّيَ أَمْرَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ الرِّشْوَةَ وَأَعْطَاهُ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَحِلُّ أَخْذُهُ وَقَالَ بَعْضٌ يَحِلُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ بِرٌّ وَمُجَازَاةُ الْإِحْسَانِ وَبَذْلُ الْمَالِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ لَا يَكُونُ رِشْوَةً فِي حَقِّهِ وَبَذْلُ الْمَالِ لِاسْتِخْرَاجِ حَقٍّ لَهُ عَلَى آخَرَ رِشْوَةٌ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَخْذُ الْقَاضِي الرِّشْوَةَ ثُمَّ قَضَى، أَوْ قَضَى ثُمَّ ارْتَشَى، أَوْ أَخَذَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلْقَاضِي لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَفِي الْأَقْضِيَةِ الْهَدَايَا ثَلَاثٌ أَوَّلُهَا حَلَالٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ مَعْهُودٌ ثَانِيهَا وَحَرَامٌ لَهُمَا وَهُوَ مَا يُهْدَى لِيُعِينَهُ عَلَى الظُّلْمِ ثَالِثُهَا وَحَلَالٌ لِلْمُهْدِي فَقَطْ لِيَكُفَّ الظُّلْمَ عَنْهُ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا لِيَعْمَلَ لَهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ كَتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرْطٌ وَلَكِنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا يُهْدِي لِيُعِينَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ قَضَى حَاجَتَهُ بِلَا شَرْطٍ وَطَمِعَ ثُمَّ أَهْدَى فَلَا بَأْسَ فِي الْقَبُولِ وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْكَرَاهَةِ تَوَرُّعٌ وَهَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَتَبَ الْقَاضِي سِجِلًّا أَوْ تَوَلَّى قِسْمَةً وَأَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ فَلَهُ ذَلِكَ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الرِّشْوَةُ أَرْبَعٌ عَلَى تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ فَحَرَامٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَا يَكُونُ قَاضِيًا وَارْتِشَاءُ الْقَاضِي لِيَحْكُمَ فَكَذَلِكَ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِحَقٍّ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَظَاهِرٌ وَأَخْذُ الْمَالِ لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ أَوْ جَلْبًا لِلنَّفْعِ فَحَرَامٌ لِلْآخِذِ فَقَطْ وَمَا يُدْفَعُ لِدَفْعِ الْخَوْفِ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ حَلَالٌ لِلدَّافِعِ فَقَطْ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ وَاجِبٌ وَفِي الْقُنْيَةِ الظَّلَمَةُ تَمْنَعُ النَّاسَ عَنْ الِاحْتِطَابِ إلَّا بِدَفْعِ شَيْءٍ فَحَرَامٌ لَهُمَا وَمِثْلُهُ مَا يَدْفَعُهُ الْمُتَعَاشِقَانِ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ لَا تُمْلَكُ وَإِذَا أَعْطَى شَيْئًا لِلْقَاضِي قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ فَلِلْقَاضِي تَعْزِيرُهُ أَوْ تَشْهِيرٌ عِنْدَ الْإِمَامِ بَلْ بِنَحْوِ تَسْوِيدٍ وَحَلْقِ جَانِبٍ مِنْ اللِّحْيَةِ لِمَا رَوَى مِنْ أَمْرِ عُمَرَ عُمَّالَهُ بِضَرْبِ شَاهِدِ الزُّورِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَيُسَخَّمُ وَجْهُهُ وَتُلْقَى عِمَامَتُهُ فِي عُنُقِهِ وَيُطَافُ بِهِ فِي الْقَبَائِلِ وَالسِّيَاسَةُ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاكِمُ لِمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ مِنْ غَيْرِ وُرُودٍ فِي الشَّرْعِ فَإِذَا رَأَى الْقَاضِي تَشْهِيرَ الرَّاشِي مَصْلَحَةً لِلْعَامَّةِ تَقْلِيلًا لِلرِّشْوَةِ مَعَ كَثْرَتِهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَرِدْ كَيْفٌ وَلَهُ أَصْلٌ وَهُوَ شَاهِدُ الزُّورِ انْتَهَى وَفِي الْفَيْضِ الرِّشْوَةُ الْمُحَرَّمَةُ مَا تُوُصِّلَ بِهِ إلَى إبْطَالِ حَقٍّ أَوْ تَمْشِيَةِ بَاطِلٍ أَمَّا مَا وَقَعَ لِلتَّوَصُّلِ إلَى حَقٍّ أَوْ دَفْعِ ظُلْمٍ فَلَيْسَ رِشْوَةً مَنْهِيَّةً وَهِيَ كَبِيرَةٌ وَفِي السِّفْرِ الثَّانِي مِنْ التَّوْرَاةِ أَيْضًا لَا تَقْبَلَنَّ الرِّشْوَةَ فَإِنَّ الرِّشْوَةَ تُعْمِي أَبْصَارَ الْحُكَّامِ فِي الْقَضَاءِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مَا حَرُمَ أَخْذُهُ حَرُمَ إعْطَاؤُهُ كَالرِّبَا وَمَهْرِ الْبَغْيِ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَالرِّشْوَةِ وَأُجْرَةِ النَّائِحَةِ وَالزَّامِرِ إلَّا فِي مَسَائِلِ الرِّشْوَةِ لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ الْأَمِيرِ إلَّا لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ
(وَ) مِنْهَا (أَخْذُ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ) كَالِاسْتِئْجَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute