للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْعَامَّةِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْ عَزَّرَهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ إنْ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَمُدَّةُ الْحَبْسِ قِيلَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَقِيلَ شَهْرٌ وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُعَاقَبَةِ فِي الدُّنْيَا لَكِنْ يَأْثَمَ، وَإِنْ قَلَّتْ الْمُدَّةُ (وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ مَمْلُوكَيْنِ صَغِيرَيْنِ أَوْ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ مَحْرَمِيَّةٌ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا بِنَحْوِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ حَرَامٌ شَدِيدُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَشَرَطَ الشَّافِعِيُّ كَوْنَهُ قَبْلَ التَّمْيِيزِ وَأَبُو حَنِيفَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ سَوَاءٌ رَضِيَتْ أَمْ لَا، وَعِنْدَ مَالِكٍ يَجُوزُ بِرِضَاهَا، وَفِي الْجَامِعِ أَيْضًا «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَلَيْسَ مِنَّا» .

(وَمِنْهَا مَطْلُ الْغَنِيِّ) أَيْ تَأْخِيرُ الْقَادِرِ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِهِ عَنْ الدَّائِنِ بَعْدَ طَلَبِهِ (خ م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» يَعْنِي تَسْوِيفَ الْقَادِرِ الْمُتَمَكِّنِ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ الْحَالِّ ظُلْمٌ مِنْهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَالظُّلْمُ حَرَامٌ فَكَذَا الْمَطْلُ وَالتَّرْكِيبُ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ أَوْ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمَفْعُولِ. يَعْنِي: وَفَاءُ الدَّيْنِ وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقُّهُ غَنِيًّا فَالْفَقِيرُ أَوْلَى بِهِ كَذَا فِي الْفَيْضِ.

[الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]

(وَمِنْهَا الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ خ م عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «الَّذِي يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ» يَعُودُ «فِي قَيْئِهِ» وَالرُّجُوعُ إمَّا بِالتَّرَاضِي أَوْ حُكْمِ الْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ وَلَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «إنَّ رَجُلًا وَهَبَ هِبَةً فَرَجَعَ فِيهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الْكَلْبِ الَّذِي يَأْكُلُ حَتَّى إذَا شَبِعَ قَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَأَكَلَهُ» .

(وَمِنْهَا اقْتِنَاءُ كَلْبٍ) اتِّخَاذُهُ (لِغَيْرِ صَيْدٍ وَمَاشِيَةٍ وَخَوْفٍ مِنْ اللُّصُوصِ وَغَيْرِهِمْ) كَحِفْظِ الْمَتَاعِ وَالزَّرْعِ وَالدَّوَابِّ وَكَذَا نَحْوُ الْأَسَدِ وَالْفَهْدِ وَالضَّبُعِ وَسَائِرِ السِّبَاعِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (خ م عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» مِنْ الْأَجْرِ كَمَا قِيلَ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ جَبَلِ أُحَدٍ قَالَ فِي الْمُبَارِقِ الْمُرَادُ مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الدُّخُولِ فِي الْبَيْتِ عَلَى تَقْدِيرِ الْجَوَازِ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ أَسْوَأُ مِنْ كُلِّ الْكِلَابِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا وَلَكِنْ اُقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ» يَعْنِي أَنَّهُ أَضَرُّ الْكِلَابِ وَأَعْقَرُهَا وَمَعَ هَذَا هُوَ أَقَلُّهَا نَفْعًا، وَأَسْوَؤُهَا حِرَاسَةً وَأَبْعَدُهَا مِنْ الصَّيْدِ وَأَكْثَرُهَا نُعَاسًا كَمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>