«مَنْ حَلَفَ كَاذِبًا أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ» وَأَمَّا يَمِينُ اللَّغْوِ وَهُوَ حَلِفُهُ كَاذِبًا يَظُنُّهُ صَادِقًا فَلَا إثْمَ فِيهَا بَلْ يُرْجَى الْعَفْوُ.
وَأَمَّا الْيَمِينُ الْمُنْعَقِدَةُ وَهِيَ حَلِفُهُ عَلَى آتٍ فَإِثْمُهَا دَائِرٌ عَلَى الْكَفَّارَةِ (خ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْكِتَابِ بِالْوَاوِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي بَعْضِهَا بِلَا وَاوٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -) وَعَنْهُمْ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» الْمُسْلِمَيْنِ بِأَنْ يَفْعَلَ الْوَلَدُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ تَأَذِّيًا لَيْسَ بِهَيِّنٍ مَعَ عَدَمِ كَوْنِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْوَاجِبَةِ ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ عَنْ النَّوَوِيِّ «وَقَتْلُ النَّفْسِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ» قِيلَ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ مِنْ قَبِيلِ الْبَعْضِ الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرُ جَمِيعِ الْكَبَائِرِ وَلَا أَكْبَرُهَا قِيلَ الْمَذْكُورَاتُ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ وَلَا يَلْزَمُ اسْتِوَاءُ رُتْبَتِهَا.
وَعَنْ الْقُرْطُبِيِّ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَصِحُّ الْحَصْرُ فِيمَا ذُكِرَ وَفِي أَحَادِيثِ أُخَرَ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَى فِي كُلِّ مَجْلِسٍ مَا أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ أَوْ سَنَحَ لَهُ بِاقْتِضَاءِ أَحْوَالِ السَّائِلِ وَتَفَاوُتِ الْأَوْقَاتِ فَالْأَضْبَطُ أَنْ تُجْمَعَ وَتُجْعَلَ مَقِيسًا عَلَيْهَا كَمَا بَيَّنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا فِي الْفَيْضِ (حك عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ مِنْ الذَّنْبِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ كَفَّارَةٌ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ) لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تُتَصَوَّرُ فِي ذَنْبٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُكَفَّرَ كَقَتْلِ الْخَطَأِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَمْدِ فَفِيهَا كَمَالُ الْجِنَايَةِ كَقَتْلِ الْعَمْدِ فَلَا يَفْعَلُهُ الْعَاقِلُ وَإِنْ صَدَرَتْ يَتَدَارَكُهُ فَوْرًا بِالِاسْتِغْفَارِ.
(م عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» أَوْ ذِمِّيٍّ «بِيَمِينِهِ» مَالًا أَوْ لَا كَحَدِّ الْقَذْفِ «فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» إنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ وَإِلَّا فَلَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى التَّأْبِيدِ بَلْ إنَّمَا أَخْرَجَهُ الشَّارِعُ هَذَا الْمَخْرَجَ تَعْظِيمًا لِلْأَمْرِ وَمُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ لِاعْتِدَائِهِ الْغَايَةَ الْقُصْوَى حَيْثُ هَتَكَ حُرْمَةً بَعْدَ حُرْمَةٍ بِاقْتِطَاعِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاسْتِخْفَافِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ رِعَايَتُهُ وَهُوَ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ وَالْأُخُوَّةِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ «قَالُوا وَإِنْ كَانَ» حَقُّهُ «شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا» وَهُوَ قِطْعَةُ غُصْنٍ «مِنْ أَرَاكٍ» بِالْفَتْحِ شَجَرُ السِّوَاكِ وَفِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ عِنْدَ الْبَيْعِ مُنْفِقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْكَسْبِ أَيْ مُرَوِّجَةٌ لِلسِّلْعَةِ وَمَاحِيَةٌ لِلْكَسْبِ، وَفِي حَدِيثِ الدَّيْلَمِيِّ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ تَذْهَبُ بِالْمَالِ وَتَذَرُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ أَيْ خَرَابًا
[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى]
(الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى) نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا أَوْ مُصْحَفًا أَوْ سُلْطَانًا أَوْ وَلَدًا أَوْ وَالِدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ (وَهَذَا عَلَى قِسْمَيْنِ الْأَوَّلِ مَا كَانَ بِطَرِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute