للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّنْفِيرِ عَنْ شَرِّهِ فَبِهَذِهِ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ غِيبَةً كَمَا لَا يَكُونُ سُوءُ الظَّنِّ لِلْقَاطِعِ أَوْ الرَّاجِحِ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَفِي رِوَايَةٍ «إنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ الَّذِينَ يُكْرَمُونَ» بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ «اتِّقَاءَ أَلْسِنَتِهِمْ» قَالَ الْمُحَشِّي فَعُلِمَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجُوزُ إظْهَارُ الْحُبِّ وَالثَّنَاءِ لِمَنْ يُخَافُ مِنْهُ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ وَشَرِّهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَظْهَرَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ طَلَاقَةَ الْوَجْهِ لِئَلَّا يَكُونَ بَاعِثًا إلَى الْفِتْنَةِ بَيْنَ النَّاسِ

وَيُرْوَى اتِّقَاءَ فُحْشِهِ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ هَذَا الرَّجُلُ هُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حُصَيْنٍ وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ حِينَئِذٍ وَإِنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فَبَيَّنَ لِيَعْرِفَهُ النَّاسُ وَيَتَوَقَّوْا شَرَّهُ وَكَانَ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ يَوْمَ الِارْتِدَادِ وَجِيءَ بِهِ أَسِيرًا إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ بِنُورِ النُّبُوَّةِ وَذَمَّهُ وَإِنَّمَا أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ تَأَلُّفًا لِأَمْثَالِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُدَارَاةُ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ وَجَوَازُ غِيبَةِ الْفَاسِقِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُذْكُرُوا الْفَاجِرَ بِمَا فِيهِ كَيْ يَحْذَرَهُ النَّاسُ» وَيُقَالُ ثَلَاثَةٌ لَا يَكُونُ لَهُمْ غِيبَةٌ سُلْطَانٌ جَائِرٌ وَفَاسِقٌ مُعْلِنٌ وَصَاحِبُ بِدْعَةٍ

[الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ]

(الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ) (كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ) (الَّذِي يَتَكَلَّمُ بَيْنَ الْمُتَعَادِيَيْنِ) الْمُتَخَاصِمَيْنِ إيقَادًا لِنِيرَانِ الْخُصُومَةِ وَإِيقَاظًا لِلَهَبِ الْفِتْنَةِ (يُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) مَفْعُولُ يُكَلِّمُ (بِكَلَامٍ يُوَافِقُهُ أَوْ يَنْقُلُ كَلَامَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ أَوْ كَانَ يُحَسِّنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُعَادَاةِ) مَعَ صَاحِبِهِ (وَيُثْنِي عَلَيْهِ) فِيمَا هُوَ عَلَيْهِ (أَوْ يَعِدُ) مِنْ الْوَعْدِ (كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَنْ يَنْصُرَهُ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ النِّفَاقَ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ) وَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْكُتَ وَلَا يَتَكَلَّمَ أَصْلًا أَوْ يُثْنِيَ عَلَى الْمُحِقِّ مِنْهُمَا فِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ وَبَيْنَ يَدَيْ عَدُوِّهِ (خ م عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِي الدُّنْيَا» يَعْنِي مَنْ كَانَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ عَدُوَّيْنِ كَأَنَّهُ صَدِيقُهُ وَيَعِدُهُ أَنَّهُ نَاصِرٌ لَهُ وَيَذُمُّ ذَا عِنْدَ ذَا وَذَا عِنْدَ ذَا وَيَأْتِي قَوْمًا بِوَجْهٍ وَقَوْمًا بِوَجْهٍ عَلَى وَجْهِ الْإِفْسَادِ «كَانَ لَهُ لِسَانَانِ مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» كَمَا كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا لِسَانَانِ عِنْدَ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْغَزَالِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مُلَاقَاةَ الِاثْنَيْنِ بِوَجْهَيْنِ نِفَاقٌ وَلِلنِّفَاقِ عَلَامَاتٌ مِنْهَا هَذِهِ، نَعَمْ إنْ كَلَّمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ صَادِقًا لَمْ يَكُنْ ذَا لِسَانَيْنِ فَإِنْ نَقَلَ كَلَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَهُوَ نَمَّامٌ ذُو لِسَانٍ وَذَلِكَ شَرٌّ مِنْ النَّمِيمَةِ (خ م دُنْيَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَجِدُونَ مِنْ» جَارَّةٌ تَبْعِيضِيَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>