لَا يَكُونُ شَهِيدًا مَعَ كَوْنِ جِنْسِهِ شَهِيدًا لِنَوْعِ التَّهْلُكَةِ. .
(وَمِنْهَا اسْتِصْحَابُ الْكَلْبِ وَالْجَرَسِ لِلَّهْوِ فِي السَّفَرِ) وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهْوِ كَأَنْ يَزِيدَ نَشَاطَ الدَّابَّةِ أَوْ لِيَنْفِرَ هَوَامَّ اللَّيْلِ وَالذِّئْبَ أَوْ لِيُوجَدَ إذَا ضَلَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَغْرَاضِ الصَّحِيحَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا قِيلَ (خ م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تَقْرَبُ» ، وَفِي أُخْرَى «لَا تَتْبَعُ» وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الصُّحْبَةِ نَفْيُ مُجَرَّدِ اللِّقَاءِ لَا نَفْيُ الْمُلَازَمَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمَلَائِكَةِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ لَا الْحَفَظَةُ وَنَحْوُهُمْ «رُفْقَةً» جَمَاعَةً مُتَرَافِقَةً فِي سَفَرٍ «فِيهَا كَلْبٌ» وَلَوْ لِحِرَاسَةِ الْأَمْتِعَةِ سَفَرًا كَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ يَحْتَاجُهُ ( «أَوْ جَرَسٌ» بِفَتْحِ الرَّاءِ الْجُلْجُلُ وَبِسُكُونِهَا صَوْتُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ، وَالْمَلَائِكَةُ ضِدُّهُ، وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّاقُوسَ فَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِلْحَرَسِ وَالِاصْطِيَادِ وَلِحِفْظِ الزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ وَلِحِفْظِ مَالِهِ وَلِلْحِفْظِ مِنْ اللُّصُوصِ قَرْيَةٌ فِيهَا كِلَابٌ تَضُرُّ الْمَارِّينَ يُؤْمَرُ أَرْبَابُهَا بِقَتْلِهَا، فَإِنْ أَبَوْا يَرْفَعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْمُحْتَسِبِ، وَفِي النَّوَازِلِ إنْ كَانَ ضَرَرُ الْكِلَابِ فِي مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ يُمْنَعُ وَكَذَا الْعُجُولُ وَالدَّجَاجَةُ وَكَذَا الْأَسَدُ وَالْفَهْدُ وَالضَّبُعُ وَجَمِيعُ السِّبَاعِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَأَمَّا ضَمَانُ عَضِّ الْكَلْبِ فَفِي الْخَانِيَّةِ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إنْ قَدِمَ قَبْلَ الْعَضِّ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَيُقْتَلُ الْجَرَادُ وَكَذَا النَّمْلَةُ الْمُؤْذِيَةُ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إلْقَائِهَا فِي الْمَاءِ، وَإِحْرَاقُ الْقَمْلِ وَالْعَقْرَبِ مَكْرُوهٌ وَطَرْحُهَا حَيَّةً مَكْرُوهٌ مِنْ حَيْثُ الْأَدَبُ، وَإِنْ مُبَاحًا فِي نَفْسِهِ. الْكُلُّ مِنْ التتارخانية، وَعَنْ شَرْحِ الشِّرْعَةِ لِمُحَمَّدٍ الْعَيْشِيِّ رُوِيَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا هَبَطَ آدَم - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى الْأَرْضِ قَالَ إبْلِيسُ لِلسِّبَاعِ إنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكُمْ فَأَهْلِكُوهُ فَاجْتَمَعُوا وَوَلَّوْا أَمْرَهُمْ إلَى الْكَلْبِ وَقَالُوا أَنْتَ أَشْجَعُنَا فَلَمَّا رَأَى آدَم ذَلِكَ تَحَيَّرَ فِيهِ فَجَاءَ جَبْرَائِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَ امْسَحْ يَدَك عَلَى رَأْسِ الْكَلْبِ فَأَلِفَهُ فَلَمَّا رَأَى السِّبَاعُ ذَلِكَ تَفَرَّقُوا وَبَقِيَ الْكَلْبُ مَعَ أَوْلَادِهِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ.
[سَفَرُ الْحُرَّةِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ]
(وَمِنْهَا سَفَرُ الْحُرَّةِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ) وَلَوْ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجِ أَوْ الْمَحْرَمِ (خ م عَنْ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» أَيْ الْمَبْدَإِ وَالْمَعَادِ وَسَائِرُ الْمُؤْمَنِ بِهِ دَاخِلٌ فِيمَا بَيْنَهُمَا «أَنْ تُسَافِرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا» فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ الْقَصْرِ وَالْعِلَّةُ أَيْ خَوْفُ الْفِتْنَةِ جَارِيَةٌ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ «إلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ابْنُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا» فَمُجَرَّدُ الْمَحْرَمِيَّةِ بِلَا رَحِمٍ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ كَأَنْ كَانَ مِنْ الرَّضَاعِ وَالصِّهْرِ (وَفِي أُخْرَى «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ مِنْ الدَّهْرِ» مِنْ الزَّمَانِ «إلَّا وَمَعَهَا ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجُهَا» ، وَفِي أُخْرَى) لَهُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute