للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اطَّلَعَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ» فِي الدَّيْنِ «بِغَيْرِ إذْنِهِ فَكَأَنَّمَا اطَّلَعَ فِي النَّارِ» أَيْ أَنَّ ذَلِكَ يُقَرِّبُهُ مِنْهَا وَيُدْنِيهِ مِنْ الْإِشْرَافِ عَلَيْهَا لِيَقَعَ فِيهَا فَهُوَ حَرَامٌ شَدِيدُ التَّحْرِيمِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ فَكَأَنَّمَا يَنْظُرُ إلَى مَا يُوجِبْ عَلَيْهِ النَّارَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ عُقُوبَةَ الْبَصَرِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْهُ كَمَا يُعَاقِبُ السَّمْعَ إذَا اسْتَمَعَ إلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ سِرٌّ وَأَمَانَةٌ يُكْرَهُ صَاحِبُهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ وَقِيلَ عَامٌّ فِي كُلِّ كِتَابٍ وَقِيلَ إنَّهُ سَبَبٌ لِرَمَدِ الْعَيْنِ

وَمِنْهَا النَّظَرُ إلَى مُسْلِمٍ إخَافَةً عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ أَيْضًا عَلَى تَخْرِيجِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَظَرَ إلَى مُسْلِمٍ نَظْرَةً يُخِيفُهُ بِهَا فِي غَيْرِ حَقٍّ أَخَافَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَمِنْهَا إكْثَارُ النَّظَرِ إلَى وَجْهِ الْمَرِيضِ كَمَا فِي الْأُسْرُوشَنِيَّة حَيْثُ قَالَ وَنُدِبَ أَنْ يَجْلِسَ عِنْدَ رُكْبَتَيْ الْمَرِيضِ دُونَ رَأْسِهِ وَيَكُونُ نَظَرُهُ إلَى الْمَرِيضِ وَلَا يَنْظُرُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً وَلَا يُكْثِرُ النَّظَرَ إلَيْهِ وَلَا يَحُدُّ النَّظَرَ فِي وَجْهِهِ وَفِي الشِّرْعَةِ أَيْضًا كَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَلَا يُكْثِرُ النَّظَرَ إلَيْهِ وَلَا يَحُدُّ النَّظَرَ فِي وَجْهِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ خُصُوصًا فِي حَدَقَتَيْنِ فَإِذَا وَقَعَ نَظَرُهُ فِي وَجْهِهِ وَحَدَقَتَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ عِنْدِ الْمَرِيضِ فَيَنْفَعُ مِنْ الْآفَاتِ بِإِذْنِهِ تَعَالَى

وَمِنْهَا إدَامَةُ النَّظَرِ إلَى الْمَجْذُومِ قَالَ فِي الْجَامِعِ عَلَى تَخْرِيجِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إلَى الْمَجْذُومِينَ» قَالَ فِي شَرْحِهِ لِأَنَّكُمْ إذَا أَدَمْتُمْ النَّظَرَ إلَيْهِمْ حَقَّرْتُمُوهُمْ فَيَتَأَذَّوْنَ أَوْ لِأَنَّ مَنْ بِهِ الدَّاءُ يَكْرَهُ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْهِ وَفِي الشِّرْعَةِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إلَى الْمَجْذُومِينَ» إدَامَةُ مَنْ كَلَّمَهُمْ مِنْكُمْ مَنْ تَكَلَّمَ فَلْيُكَلِّمْهُمْ وَإِنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ قِيدَ رُمْحٍ

(وَأَمَّا آفَاتُ الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ التَّغْمِيضُ وَعَدَمُ النَّظَرِ فَفِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ) لِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ، وَلِأَنَّهُ مُخِلٌّ بِنَظَرِهِ إلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ مَثَلًا الَّذِي هُوَ الْمَسْنُونُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى الْعُذْرُ كَالدُّخَانِ الْمُبَالَغِ فِيهِ ثُمَّ الْكَرَاهَةُ مَرْوِيَّةٌ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَأَيْضًا مُصَرَّحَةٌ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا كَالتَّتَارْخَانِيَّةِ وَفِي الْجَامِعِ عَلَى تَخْرِيجِ الطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يُغْمِضْ عَيْنَهُ» لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِهِ نَدْبًا فَافْهَمْ ثُمَّ قَالَ بَلْ يُدِيمُ النَّظَرَ إلَى مَحَلِّ سُجُودِهِ فَإِنَّ غَمَّضَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ كُرِهَ تَنْزِيهًا لِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ نَعَمْ إنْ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ إلَى التَّغْمِيضِ كَتَوْفِيرِ الْخُشُوعِ وَحُضُورِ الْقَلْبِ لَمْ يُكْرَهْ انْتَهَى لَكِنْ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَصْحَابِنَا لَا يُلَائِمُ هَذَا التَّقْيِيدَ بَلْ أَبَى عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ (وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَجِبُ النَّظَرُ)

ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِ النَّظَرِ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا يَجِبُ إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ كَحُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ) حُضُورُهُمَا (بِدُونِ النَّظَرِ وَكَحُكْمِ الْقَاضِي) إذْ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ نَظَرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (وَالشَّهَادَةِ) تَحَمُّلًا وَأَدَاءً (وَنَحْوِهِمَا)

[الصِّنْفُ الْخَامِسُ فِي آفَاتِ الْيَدِ]

ِ وَهِيَ الْقَتْلُ أَوْ الْجَرْحُ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا حَقٍّ) أَمَّا إذَا كَانَ بِحَقٍّ مِثْلَ الْقِصَاصِ وَقَطْعِ الْيَدِ وَالْخِتَانِ وَالْمُدَاوَاةِ أَوْ غَيْرِهِمَا (فَيَجُوزُ قَتْلُ النَّمْلَةِ) فِي الْمُخْتَارِ (بِغَيْرِ إلْقَاءٍ فِي الْمَاءِ) وَأَمَّا إلْقَاؤُهَا فِيهِ فَقِيلَ مَكْرُوهٌ اتِّفَاقًا لِمَا فِيهِ مِنْ مَزِيدِ التَّعْذِيبِ أَقُولُ إنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ (إذَا ابْتَدَأَتْ بِالْأَذَى) فِي الْبَدَنِ أَوْ الطَّعَامِ (وَبِدُونِهِ يُكْرَهُ) تَنْزِيهًا وَجَازَ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا الْأَذَى وَعَنْ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ قَتْلُهَا مَا لَمْ تَبْدَأْ بِالْأَذَى فِي التتارخانية تَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِي قَتْلِ النَّمْلَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى لَا بَأْسَ فِيهِ إذَا ابْتَدَأَتْ بِالْأَذَى وَإِلَّا يُكْرَهُ وَفِي النَّوَازِلِ بِهِ نَأْخُذُ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلْقَاؤُهَا فِي الْمَاءِ وَكَذَا فِي التتارخانية لَا بَأْسَ بِإِحْرَاقِ الْحَطَبِ فِيهِ نَمْلٌ

(وَقَتْلُ الْقَمْلَةِ يَجُوزُ بِكُلِّ حَالٍّ) حَالَ إبْدَائِهَا أَوْ لَا، وَأَمَّا طَرْحُهَا حَيَّةً فَلَيْسَ مِنْ طَرِيقِ الْأَدَبِ وَإِنْ مُبَاحًا وَقَالُوا يَضُرُّ بِالْعَقْلِ لَكِنْ فِي التتارخانية إحْرَاقُ الْقَمْلِ وَالْعَقْرَبِ مَكْرُوهٌ وَطَرْحُهَا حَيَّةً مُبَاحٌ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ مِنْ حَيْثُ الْأَدَبِ (وَكَذَا الْجَرَادُ) لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسِ الْمُؤْذِيَاتِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا الْأَذَى

(وَالْهِرَّةُ إذَا كَانَتْ مُؤْذِيَةً تُذْبَحُ بِسِكِّينٍ) حَادٍّ قَالَ فِي التتارخانية وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْتُلَ مَا لَا يُؤْذِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>