(وَمِنْهَا تَرْكُ الْكَفَّارَةِ) كَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ (وَالْقَضَاءِ) قَضَاءِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ (وَالْمَنْذُورِ) صَدَقَةً أَوْ حَجًّا أَوْ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ بِإِيجَابِهِ.
(وَمِنْهَا تَرْكُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ) الَّتِي هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَلَوْ صَغِيرًا لَهُ نِصَابٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْحَوْلُ وَبِهِ تَجِبُ الصَّدَقَةُ لِنَفْسِهِ وَطِفْلِهِ الْفَقِيرِ وَمَمْلُوكِهِ الْخَادِمِ وَلَوْ كَافِرًا لَا لِزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ الْآبِقِ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ الْفِطْرِ فَمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ وُلِدَ بَعْدَهُ أَوْ أَسْلَمَ لَا تَجِبُ وَصَحَّ لَوْ قَدِمَ وَلَا تَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ وَنُدِبَ تَعْجِيلُهَا قَبْلَ الْخُرُوجِ وَلَوْ فَرَّقَ شَخْصٌ فِطْرَتَهُ إلَى فَقِيرَيْنِ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَوْلَى وَلَوْ دَفَعَ فِطْرَةَ جَمَاعَةٍ إلَى وَاحِدٍ دَفْعَةً لَا يَجُوزُ بِلَا تَعْيِينِ حِصَّةِ كُلِّ فَرْدٍ إمَّا عِنْدَ الْإِعْطَاءِ إلَى الْفَقِيرِ أَوْ عِنْدَ الْإِفْرَازِ مِنْ مَالِهِ كَمَا فِي التتارخانية.
وَدَفْعُ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ دَفْعِ الْعَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمِنْ فَضَائِلِهَا قَبُولُ الصَّوْمِ وَالْفَلَاحُ وَالنَّجَاةُ مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ كَذَا عَنْ الْمُنْيَةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ (وَالْأُضْحِيَّةِ لِلْغَنِيِّ، فَإِنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ) لِنَفْسِهِ فَقَطْ وَقِيلَ لِأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ أَيْضًا، وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا شَكَّ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى أَخَّرَ الذَّبْحَ إلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَالْأَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْكُلِّ وَلَا يَأْكُلَ شَيْئًا مِنْهَا وَيَتَصَدَّقَ بِمَا بَيْنَ الْمَذْبُوحِ وَغَيْرِ الْمَذْبُوحِ، وَلَوْ سُرِقَتْ الْأُضْحِيَّةُ فَوُجِدَتْ بَعْدَ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِهَا بِلَا ذَبْحٍ فَلَوْ ذَبَحَ يَتَصَدَّقُ بِاللَّحْمِ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا إنْ نَقَصَ الذَّبْحُ، وَفِي تَصَدُّقِ اللَّحْمِ يَعْتَبِرُ مَكَانُ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ لَا مَكَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ مَكَانَ الْمُتَصَدِّقِ لَا مَكَانَ الْوَلَدِ وَالرَّقِيقِ، وَفِي الزَّكَاةِ يَعْتَبِرُ مَكَانَ الْمَالِ وَيَصْرِفُ إلَى فُقَرَاءِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ نَظْمِ الزَّنْدَوَسْتِيُّ خَمْسٌ تَجُوزُ ضَحَايَاهُمْ مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ وَيَضْمَنُ: الْمَغْصُوبُ، وَالْمَسْرُوقُ، وَالْمَغْصُوبُ مِنْ وَلَدِهِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَالْمَغْصُوبُ مِنْ مَأْذُونِيَّةِ الْمَدْيُونِ الْمُسْتَغْرَقِ، وَالْمَشْرِيُّ فَاسِدًا وَسِتٌّ لَا تَجُوزُ: الْمُودَعُ وَالْمُسْتَعَارُ وَالْمُسْتَبْضَعُ وَالْمُرْتَهَنُ وَالْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الشَّاةِ أَوْ وَكِيلٌ بِحِفْظِ مَالِهِ إذَا ضَحَّى بِشَاةِ مُوَكِّلِهِ وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ إذَا ضَحَّى كُلٌّ بِشَاةِ صَاحِبِهِ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَفِي الْخِزَانَةِ عَشْرٌ لَا يُضَحَّى بِهَا الْعَمْيَاءُ وَالْعَوْرَاءُ وَالْعَرْجَاءُ الَّتِي لَا تَبْلُغُ الْمَنْسَكَ وَمَقْطُوعُ أَكْثَرِ الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ وَالْعَجْفَاءُ لَا تُنْقِي وَمَقْطُوعَةُ إحْدَى الْقَوَائِمِ وَإِحْدَى الْأُذُنَيْنِ وَالْأَلْيَةِ، وَأَرْبَعٌ يُضَحَّى بِهَا الْجَمَّاءُ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا أَوْ مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ وَالْخُنْثَى وَالتَّوْلَاءُ أَيْ الْمَجْنُونَةُ وَالْهَتْمَاءُ إنْ كَانَتْ تَعْتَلِفُ.
[تَرْكُ الْحَجِّ الْفَرْضِ]
(وَمِنْهَا تَرْكُ الْحَجِّ الْفَرْضِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ (ت عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ مَلَكَ زَادَا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ» أَيْ لَا تَفَاوُتَ عَلَيْهِ «أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ وَالتَّشْدِيدِ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الْحَجِّ وَتَغْلِيظًا عَلَى تَارِكِهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ الْجُحُودُ أَوْ بِمَعْنَى فَلَا أَسَفَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ فَشَابَهَ فِي فِعْلِهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُبَالِ بِالْحَجِّ كَأَنَّهُمْ لَمْ يُبَالُوا بِهِ فَهُوَ تَهْدِيدٌ وَتَغْلِيظٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَتِمَّةُ الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ - {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧]-، فَإِنَّهُ تَعَالَى سَمَّى تَرْكَهُ كُفْرًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِعْلُ الْكَفَرَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَجَّ فَرْضٌ مَرَّةً وَفَوْرًا عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَتَسْقُطُ عَدَالَتُهُ بِالتَّأْخِيرِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى التَّرَاخِي وَشَرْطُ وُجُوبِهِ تِسْعَةٌ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالصِّحَّةُ وَأَمْنُ الطَّرِيقِ وَالزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَالْمَحْرَمُ لِلْمَرْأَةِ وَلَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى سِتَّةٍ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَمْلُوكُ وَالْمَرِيضُ، وَمَنْ لَا يَخْرُجُ وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالْأَعْمَى.
وَفَرَائِضُ الْحَجِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute