للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَأَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ النَّهْيِ لِلْإِبَاحَةِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «كُلُوهُ» ، «وَمَنْ أَكَلَهُ مِنْكُمْ فَلَا يَقْرَبْ هَذَا الْمَسْجِدَ حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ» ، ثُمَّ قَالَ إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ زَيْنُ الْحُفَّاظِ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَلِتِلْكَ الْأَحَادِيثِ قَالُوا فَمَنْ أَكَلَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ إنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ عَلَى ظَنِّ زَوَالِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَمْ يَزُلْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ أَكَلَ قَصْدًا مَعَ الْجَزْمِ بِعَدَمِ زَوَالِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقُعُودُ وَيَأْثَمُ، ثُمَّ قِيلَ وَمِنْ هَذَا اُسْتُدِلَّ عَلَى كَرَاهَةِ الدُّخَانِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْيَحَيَائِيَّةِ مَنْ لَهُ شَائِبَةُ صَلَاحٍ لَا يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ وَلَا شُبْهَةَ فِي دُخُولِهِ تَحْتَ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ اُسْتُوْفِيَ مِرَارًا، وَفِي الشِّرْعَةِ وَقِيلَ مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ فَلْيَأْكُلْ فَوْقَهُ كَرَفْسًا، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِرِيحِهِ، وَفِي شَرْحِهِ وَقِيلَ مَضْغُ السَّذَابِ يَذْهَبُ بِرِيحِهِ وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْبَصَلِ وَالثُّومِ مَطْبُوخَيْنِ وَلَا يَأْكُلُ النَّيْيءَ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يُؤْذِي الْمَلَائِكَةَ، وَفِيهِ أَيْضًا وَقَدْ رُخِّصَ تَرْخِيصًا أَكْلُ الْبَصَلِ لِمَنْ دَخَلَ أَرْضًا فَلْيَأْكُلْ مِنْ بَصَلِهَا لِيَذْهَبَ عَنْهُ وَبَاؤُهَا أَيْ وَخَامَتُهَا وَهَلَاكُهَا.

[تَرْكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا]

(وَمِنْهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا) أَمَّا التَّرْكُ بِالنِّسْيَانِ أَوْ النَّوْمِ وَخُرُوجِ الْوَقْتِ فَمَعْذُورٌ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا ذَكَرَهَا وَكَذَا التَّرْكُ عَمْدًا بِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الشَّرْعِيَّةِ مِثْلُ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ لِلْمَرِيضِ وَعَلَى التَّوَضُّؤِ وَالتَّيَمُّمِ لِمَنْ هُوَ مَحْبُوسٌ فِي السَّجْنِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ هُمَا يَلْزَمُ الْمَحْبُوسَ التَّشَبُّهُ كَمَا فِي الصَّوْمِ لِمُسَافِرٍ أَقَامَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَكَذَا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إذَا طَهُرَتْ فِيهِ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَلْزَمُ التَّشَبُّهُ (وَهُوَ مِنْ) أَكْبَرِ (الْكَبَائِرِ) كَقَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالزِّنَا وَاللُّوَاطَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (قَالَ الْإِمَامُ الْمُنْذِرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) مِنْ الْمُحَدِّثِينَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَى كَوْنِهِ) أَيْ تَرْكِ الصَّلَاةِ عَمْدًا (كُفْرًا مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّهُمْ مِنْ الْأَشْرَافِ وَالْكِبَارِ (- رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَمِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو دَاوُد وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ) بِفَتْحَتَيْنِ (وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ) مُحَدِّثٌ مَشْهُورٌ (وَغَيْرُهُمْ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) وَعَنْ كِفَايَةِ الشَّعْبِيِّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً فَفَاسِقٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَالْوِصَايَةِ وَالْإِمَامَةِ وَيَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ وَيَكُونُ صَاحِبَ كَبِيرَةٍ كَالزَّانِي وَالْقَاتِلِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَدْ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ، وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَوَاتِ وَكَذَا الْجَمَاعَةُ إلَّا عَنْ تَأْوِيلٍ وَكَذَا الْجُمُعَةُ، وَفِيمَا نُقِلَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ بِلَفْظِ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ يَعْنِي بِالْمُفْرِدِ، وَفِي التتارخانية عَنْ الْخَانِيَّةِ تَأْخِيرُ فَرْضٍ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَفِي تَعْزِيرِ الْخُلَاصَةِ أَيْضًا رَجُلٌ لَا يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ يَجُوزُ تَعْزِيرُهُ بِأَخْذِ الْمَالِ إنْ رَأَى الْقَاضِي وَمَا فِي الْبَزَّازِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمَالَ بَعْدَهُ فَتُعُقِّبَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ انْتِفَاءُ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّعْزِيرِ وَهُوَ الزَّجْرُ وَالتَّأْدِيبُ، وَفِي النِّصَابِ وَيُخَوِّفُهُ عَلَى ذَلِكَ بِإِحْرَاقِ الْبَيْتِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَا تُصَلِّي فَالْأَوْلَى تَطْلِيقُهَا، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ تَارِكُهَا عَمْدًا يُقْتَلُ عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَمَكْحُولٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ أَحْمَدَ كُفْرًا، وَعِنْدَ غَيْرِهِ حَدًّا وَيُحْبَسُ أَبَدًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقِيلَ يُضْرَبُ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ وَقِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>