للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكُمْ» .

قَالَ شَارِحُهُ وَفِي رِوَايَةِ " خ «يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» ثُمَّ قَالَ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْهِدَايَةَ لِلْمُسْلِمِ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ وَهُوَ مُحَالٌ وَمُنِعَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الدُّعَاءَ بِالْهِدَايَةِ مَا هُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ مِنْ الْإِيمَانِ بَلْ مَعْرِفَةُ تَفَاصِيلِ أَجْزَائِهِ وَإِعَانَتُهُ عَلَى أَعْمَالِهِ وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ وَمِنْ ثَمَّةَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَسْأَلَ الْهِدَايَةَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ) قِيلَ لِلتَّحْقِيرِ (مِنْ الشَّيْطَانِ) أَيْ نَاشِئٌ عَنْ إبْلِيسَ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ مِنْ الِامْتِلَاءِ وَثِقَلِ النَّفْسِ وَكُدُورَةِ الْحَوَاسِّ وَاسْتِرْخَائِهَا وَمَيْلِهَا بِالْبَدَنِ إلَى الْكَسَلِ وَالنَّوْمِ فَإِضَافَتُهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ الدَّاعِي إلَى إعْطَاءِ النَّفْسِ حَظَّهَا مِنْ الشَّهْوَةِ وَأَرَادَ بِهِ التَّحْذِيرَ مِنْ السَّبَبِ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنْهُ وَهُوَ التَّوَسُّعُ فِي الْمَطْعَمِ وَالشِّبَعِ فَيَثْقُلَ الْبَدَنُ عَنْ الطَّاعَةِ.

وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ «التَّثَاؤُبُ الشَّدِيدُ وَالْعَطْسَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ» قَالَ شَارِحُهُ وَمِنْ ثَمَّةَ عَدُّوا مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - أَنَّهُمْ مَا تَثَاءَبَ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ وَلَا احْتَلَمَ فَإِذَا أَحَسَّ الْإِنْسَانُ بِتَثَاؤُبٍ أَوْ عَطَسَ فَلْيَكْظِمْ وَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ وَيَخْفِضْ صَوْتَهُ مَا أَمْكَنَ لِئَلَّا يَبْلُغَ الشَّيْطَانُ مُرَادَهُ مِنْ تَشْوِيهِ صُورَتِهِ وَدُخُولِ فَمِهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَاعِدَةَ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَجْعَلُ سَائِرَ الْأَحَادِيثِ مُقَيَّدَةً بِالشِّدَّةِ وَإِلَّا لَتَعَارَضَتْ (وَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ) صَدْرُ الْحَدِيثِ كَسَائِرِهِ يَقْتَضِي إطْلَاقَ الْكَرَاهَةِ وَذَيْلُهُ اخْتِصَاصَهَا بِالصَّلَاةِ لَعَلَّ التَّقْيِيدَ لِكَوْنِ الْكَرَاهَةِ آكَدَ فِي الصَّلَاةِ (وَلَا يَقُلْ هَايْ) حِكَايَةً لِصَوْتِ التَّثَاؤُبِ (فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ الشَّيْطَانِ يَضْحَكُ مِنْهُ) لِفَرَحِهِ.

[تَرْكُ الِاسْتِئْذَانِ فِي دُخُولِ دَارِ الْغَيْرِ]

(وَمِنْهَا) أَيْ التُّرُوكِ الَّتِي هِيَ مِنْ آفَاتِ السُّكُوتِ (تَرْكُ الْإِذْنِ) قِيلَ الْأَوْلَى تَرْكُ الِاسْتِئْذَانِ (فِي دُخُولِ دَارِ الْغَيْرِ) (فَإِنَّ الْإِذْنَ وَاجِبٌ) مِنْ صَاحِبِهَا (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: ٢٧] الَّتِي تَسْكُنُونَهَا فَإِنَّ الْأَجِيرَ وَالْمُعِيرَ لَا يَدْخُلَانِ إلَّا بِإِذْنٍ {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: ٢٧] تَسْتَأْذِنُوا {وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: ٢٧] بِأَنْ تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ وَيَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَهُ دَخَلَ وَإِلَّا رَجَعَ {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور: ٢٧] مِنْ أَنْ تَدْخُلُوا بَغْتَةً أَوْ مِنْ تَحِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إذَا دَخَلَ بَيْتًا غَيْرَ بَيْتِهِ قَالَ حُيِّيتُمْ صَبَاحًا أَوْ حُيِّيتُمْ مَسَاءً وَدَخَلَ وَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّجُلَ مَعَ امْرَأَتِهِ فِي لِحَافٍ

وَرُوِيَ أَنَّ «رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ أَأَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّيِّ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَا خَادِمَ لَهَا غَيْرِي أَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا كُلَّمَا دَخَلْت قَالَ أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً قَالَ اسْتَأْذِنْ» {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: ٢٧] (د عَنْ رِبْعِيٍّ بْنِ حِرَاشٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ» الْعَامِرِيُّ «أَأَلِجُ» مِنْ الْوُلُوجِ أَيْ الدُّخُولِ كَمَا قِيلَ قَدَّمَ الْخُرُوجَ عَلَى الْوُلُوجِ «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَادِمِهِ اُخْرُجْ إلَى هَذَا»

<<  <  ج: ص:  >  >>