للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْمُسْتَأْذِنِ الَّذِي لَمْ يَأْتِ بِالِاسْتِئْذَانِ عَلَى طَرِيقِهِ «فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذَانَ» الْمَسْنُونَ «فَقُلْ لَهُ قُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ» لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِأَمْرٍ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ لَيْسَ بِأَمْرٍ حَقِيقَةً فَيَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ كِفَايَةَ إثْبَاتِ النَّدْبِيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ» الْحَدِيثَ لَكِنَّ كَوْنَ تَرْكِهِ حِينَئِذٍ مِنْ الْآفَاتِ فِيهِ خَفَاءٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ كَوْنَ هَذَا الْأَمْرِ فِي الْمَقَامِ إيجَابِيًّا مَجَازًا بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ فَافْهَمْ «فَسَمِعَ الرَّجُلُ ذَلِكَ» التَّعْلِيمَ «مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَبْلَ تَعْلِيمِ الْخَادِمِ لَهُ «فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَخَلَ» اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِئْذَانِ أَنْ يَقُولَ الْمَسْنُونُ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ثُمَّ الِاسْتِئْذَانُ مُطْلَقًا وَقِيلَ الِاسْتِئْذَانُ ثُمَّ السَّلَامُ مُطْلَقًا وَقِيلَ السَّلَامُ ثُمَّ الِاسْتِئْذَانُ إذَا رَأَى أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الدَّارِ وَالْعَكْسُ إذَا لَمْ يَرَ أَحَدًا هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ نَصًّا فِي الْأَوَّلِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْأَخِيرَانِ فَإِنَّهُمَا رَأْيَانِ فِي مَعْرِضِ النَّصِّ لَعَلَّ لَهُمَا نَصَّيْنِ يُوجِبَانِ التَّرْجِيحَ عَلَى اعْتِقَادِ مُتَمَسِّكِيهِمَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ مَطْلُوبِ الْمُصَنِّفِ إذْ الظَّاهِر مِنْ الْمُصَنِّفِ كِفَايَةُ مُطْلَقِ الْإِذْنِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ عَدَمُهُ فَافْهَمْ (م عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا «الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثُ» مَرَّاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَسْمَعَهُ وَأَنَّ الثَّلَاثَ مُنْتَهَى التَّأْكِيدِ «فَإِنْ أُذِنَ لَك» بِالْمَجْهُولِ «فَادْخُلْ وَإِلَّا فَارْجِعْ» وَاخْتَلَفُوا أَنَّهُ بَعْدَمَا اسْتَأْذَنَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ هَلْ يُعِيدُ الِاسْتِئْذَانَ قِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَا لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَمَّا الْأَوَّلُونَ فَيُؤَوِّلُونَ الْحَدِيثَ بِالْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ أَنَّهُ أَسْمَعَهُ

(د عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ» لَعَلَّ هَذَا يَشْمَلُ مَا أَجَابَ دَعْوَةَ الرَّسُولِ فَوْرًا وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَعِيَّةٌ فِي الْمَجِيءِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعِلَّةِ قِيلَ وَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ صَبِيًّا «فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ إذْنٌ» قَائِمٌ مَقَامَ إذْنٍ اكْتَفَى بِقَرِينَةِ الطَّلَبِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ إذْنٍ أَيْ إنْ لَمْ يَطُلْ عَهْدٌ بَيْنَ الْمَجِيءِ وَالطَّلَبِ أَوْ كَانَ الْمُسْتَدْعَى بِمَحَلٍّ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى إذْنٍ عَادَةً وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِئْذَانُ وَعَلَيْهِ نَزَّلُوا الْأَخْبَارَ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّعَارُضُ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَلِهَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ حُرْمَةٌ وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِئْذَانُ مُطْلَقًا وَالدُّعَاءُ النِّدَاءُ وَدَعَاهُ سَأَلَهُ وَيُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ التَّسْمِيَةِ نَحْوُ دَعَوْت ابْنِي زَيْدًا أَيْ سَمَّيْته، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَبِيلِ الْمَفْهُومِ فَافْهَمْ (وَفِي رِوَايَةٍ «رَسُولُ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ إذْنُهُ» عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ) التَّابِعِيِّ الْجَلِيلِ (أَنَّ «رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي فَقَالَ نَعَمْ» لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مَكْشُوفَةُ الْأَعْضَاءِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَى مُطْلَقِ الْمَحَارِمِ لَعَلَّ جِنْسَ هَذَا مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْقَرَائِنِ وَالْأَحْوَالِ بَلْ رُبَّ أُمٍّ تَتَأَذَّى مِنْ الِاسْتِئْذَانِ وَمِنْهَا تَرْكُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>