للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَرْضِ فِي الْمَشْيِ وَحُكْمُهُ كَسَائِرِ الرِّيَاءِ يُسْمَعُ مِنْ الْمُصَنِّفِ.

(وَالْخَامِسُ الْأَصْحَابُ وَالزَّائِرُونَ كَمَنْ يَفْرَحُ بِكَثْرَتِهِمْ) أَيْ بِكَثْرَةِ الْمُصَاحِبِينَ سِيَّمَا مِنْ الْأَشْرَافِ وَكَثْرَةِ الْأَحِبَّاءِ الزَّائِرِينَ سِيَّمَا مِنْ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ (وَ) يَفْرَحُ (بِمَشْيِهِمْ خَلْفَهُ) أَوْ إزَاءَهُ وَقُدَّامَهُ عَلَى اخْتِلَافِ الرُّسُومِ وَالْعَادَاتِ (عِنْدَ ذَهَابِهِ إلَى الْجُمُعَةِ أَوْ الدَّعْوَةِ) هَذَا عَلَى مَخْرَجِ الْعَادَةِ وَإِلَّا فَكَذَا فِي كُلِّ خُرُوجٍ نَحْوِ الدَّرْسِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ، وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى عُلُوِّ مَقَامِهِ وَرَفْعِ قَدْرِهِ وَشَرَفِ مَنْزِلَتِهِ وَرُتْبَتِهِ وَرَغْبَةُ الْخَلْقِ إلَيْهِ مَوْجُودَةٌ فِي الْجَمِيعِ لَعَلَّ أَحَدَ الْمِثَالَيْنِ لَمَّا خَرَجَ لِمَصْلَحَةِ الدِّينِ وَالْآخِرَةِ لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَالدُّنْيَا (وَيُبَاهِي) يَفْتَخِرُ (بِهِمْ) تَرَفُّعًا عَلَى الْغَيْرِ (وَلَا يَذْهَبُ وَحْدَهُ لِيُقَالَ إنَّهُ مُرْشِدٌ كَامِلٌ لَهُ أَتْبَاعٌ كَثِيرَةٌ) لِيَنَالَ بِهِ مِنْ نَحْوِهِ الْجَاهَ وَإِقْبَالَ الْخَلْقِ وَحُصُولَ مُرَادِهِ مِنْهُمْ هَذَا رِيَاءُ أَهْلِ الدِّينِ فِي هَذَا الْبَابِ (وَرِيَاءُ أَهْلِ الدُّنْيَا) بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ مِنْ كَثْرَةِ الْأَصْحَابِ وَالزُّوَّارِ (لِيُقَالَ إنَّهُ ذُو قُدْرَةٍ وَقُوَّةٍ) عَظِيمَةٍ عَلَى تَحْصِيلِ كُلِّ مَا أَرَادَهُ مِنْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ (وَثَرْوَةٍ) كَثْرَةُ الْعَدَدِ مِنْ النَّاسِ وَالْمَالِ نُقِلَ عَنْ الْقَامُوسِ (وَعَبِيدٍ) جَمْعُ عَبْدٍ (وَخَدَمٍ) جَمْعُ خَادِمٍ (كَثِيرَةٍ) قِيلَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْإِحْيَاءِ لَكِنْ كَوْنُ كُلِّ ذَلِكَ رِيَاءً إنَّمَا هُوَ بِالنِّيَّةِ، ثُمَّ قَالَ فَتَأَمَّلْ فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ عَلَامَةً وَلِلْمُؤْمِنِ فِرَاسَةً أَقُولُ هَذَا الْبَابُ مِنْ الْوِجْدَانِيَّاتِ فَالتَّفْصِيلُ لِمَا بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِالْأَمَارَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْفِرَاسَاتِ الدَّالَّةِ وَإِلَّا فَالِاطِّلَاعُ مِنْ الْخَارِجِ عَلَى مَا فِي الْبَاطِنِ مُتَعَسِّرٌ وَلَا يَخْلُو عَنْ سُوءِ ظَنٍّ فَتَأَمَّلْ أَنْتَ أَيْضًا.

[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ مَا قَصَدَهُ الْمُرَائِي بِرِيَائِهِ]

(الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ) مِنْ السَّبْعَةِ (فِيمَا لَهُ) لِأَجْلِهِ (الرِّيَاءُ) أَيْ مَا قَصَدَهُ الْمُرَائِي بِرِيَائِهِ (وَهُوَ الْجَاهُ) أَيْ الْقَدْرُ وَالْمَنْزِلَةُ عِنْدَ النَّاسِ (وَاسْتِمَالَةُ الْقُلُوبِ) طَلَبُ مَيْلِ قُلُوبِ النَّاسِ إلَيْهِ وَجَذْبِهِمْ إلَى مَحَبَّتِهِ وَتَعْظِيمِهِ وَمَدْحِهِ لِقَضَائِهِمْ حَاجَتَهُ وَيُؤَدُّوا مَصَالِحَهُ، ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنْ لَا يَنْحَصِرَ مَا لَهُ الرِّيَاءُ بِالْجَاهِ بَلْ يَضُمُّ إلَيْهِ الْمَالَ وَقَضَاءَ الشَّهْوَةِ وَدَفْعَ الضَّرَرِ الْيَسِيرِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ رُجُوعَ الْكُلِّ إلَى الِاسْتِمَالَةِ، وَإِنْ بَعِيدًا، وَهُوَ (إمَّا) مَقْصُودٌ (لِذَاتِهِ) بِلَا تَوَسُّلٍ إلَى شَيْءٍ يَعْنِي يَجْعَلُ نَفْسَ الْجَاهِ وَالِاسْتِمَالَةِ مَقْصُودًا مِنْ رِيَائِهِ كَمَنْ يَقْصِدُ بِرِيَائِهِ الِاشْتِهَارَ بِالزُّهْدِ وَكَثْرَةِ الْمُرِيدِينَ كَمَا يُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ قَصْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ التَّوَسُّلَاتِ الَّتِي يَذْكُرُهَا فَالتَّقَابُلُ لَيْسَ بِحَسَنٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ فَرَّقَ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَقَصَدَهُ ابْتِدَاءً وَبَيْنَ مَا لَا يَقْصِدُهُ لَكِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَا يَعْلَمُهُ (وَإِمَّا لِلتَّوَسُّلِ بِهِ إلَى مَعْصِيَةٍ) مِنْ نَحْوِ الْوَصْلَةِ إلَى أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالْفُجُورِ إلَى النِّسْوَانِ وَالْغِلْمَانِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ تَفْصِيلًا فَالتَّمْثِيلُ بِنَحْوِ شُرْبِ الْخَمْرِ لَا حَاصِلَ لَهُ (أَوْ مُبَاحٍ) كَمَنْ يُرَائِي لِيُرَغِّبَ النِّسْوَانَ فِي نِكَاحِهِ (أَوْ طَاعَةٍ) كَمُتَعَلِّمٍ يُرَائِي بِطَاعَتِهِ لِيَنَالَ عِنْدَ الْمُعَلِّمِ رُتْبَةً فَيَتَعَلَّمَ مِنْهُ عِلْمًا نَافِعًا (فِي اعْتِقَادِهِ) إمَّا قَيْدٌ لِلتَّوَسُّلِ أَوْ لِلثَّلَاثَةِ أَوْ لِلْأَخِيرَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُعْتَبَرِ قَصْدُ التَّوَسُّلِ إلَى ذَلِكَ لَا الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ كَمَا قِيلَ وَعَلَى الثَّانِي يَعْنِي يَصِلُ إلَيْهَا بِإِمَالَةِ الْقُلُوبِ إلَيْهِ وَلَوْ فِي اعْتِقَادِ الْمُرَائِي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا قِيلَ وَعَلَى الثَّالِثِ كَوْنُهُمَا طَاعَةً وَمُبَاحًا فِي اعْتِقَادِ الْمُرَائِي لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا قِيلَ أَيْضًا لَا يَخْفَى مَا فِي الْكُلِّ مِنْ عَدَمِ الْمَحْصُولِ الْمُعْتَدِّ بِهِ لَعَلَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ (وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ) الْمَعْصِيَةُ وَالطَّاعَةُ وَالْمُبَاحُ (أَغْرَاضًا) ابْتِدَاءً (مِنْ الرِّيَاءِ بِغَيْرِ تَوَسُّطِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>