للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالُوا لَا يُوَلَّى مَنْ طَلَبَ الْوِلَايَةَ عَلَى الْأَوْقَافِ) عَنْ الْمَصَابِيحِ «عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّي فَقَالَا أَمِّرْنَا بَعْضَ مَا وَلَّاك اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ إنَّا وَاَللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَ وَلَا أَحَدًا حَرَصَ» لَعَلَّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَشْرُوعِيَّةِ لَهُ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ فَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الطَّلَبِ (كَمَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ لَا يُقَلَّدُ) لِأَنَّ طَلَبَهُ لَهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمِحَنِ وَالْمَشَاقِّ آيَةُ خِيَانَةٍ إذْ شَأْنُ الْأَمِينِ هُوَ الْبُعْدُ عَنْ مِثْلِهِ وَقَدْ تَحَرَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ تَقَلُّدِهِ إلَى أَنْ ضُرِبَ مِرَارًا بَلْ حُبِسَ إلَى أَنْ مَاتَ كَمَا مَرَّ وَقَالَ الْبَحْرُ عَمِيقٌ فَكَيْفَ أَعْبُرُ بِالسِّبَاحَةِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْبَحْرُ عَمِيقٌ وَالسَّفِينَةُ وَثِيقٌ وَالْمَلَّاحُ حَاذِقٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ الْمَلِكِ.

[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ طَلَبُ الْوِصَايَةِ]

(السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ طَلَبُ الْوِصَايَةِ) وَمِثْلُهُ طَلَبُ النِّظَارَةِ (م د حك عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَهُ يَا أَبَا ذَرٍّ إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا» فِي تَنْفِيذِ الْأُمُورِ وَرِعَايَةِ الْحُقُوقِ «وَإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي» هَذَا تَلَطُّفٌ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَحْرِيضٌ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَشَأْنُ كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَأْتَمِرَنَّ» لَا تَكُنْ أَمِيرًا «عَلَى اثْنَيْنِ» فَضْلًا عَمَّا فَوْقَهُمَا «وَلَا تَلِيَنَّ» لَا تَكُنْ وَالِيًا «مَالَ يَتِيمٍ» لَعَلَّ الْمُرَادَ هُوَ الْوِصَايَةُ وَإِلَّا فَالْحَقِيقَةُ ضَرُورِيَّةٌ لَا اخْتِيَارِيَّةٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ وِصَايَةِ أَقْرَبِ الْأَقْرِبَاءِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ عَدَمُ طَلَبِ الْوِصَايَةِ وَاللَّازِمَ عَدَمُ الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا وَالْقَوْلُ أَنَّ ذَلِكَ مَدْلُولٌ بِطَرِيقِ دَلَالَةِ النَّصِّ بَعِيدٌ وَأَنَّ اللَّازِمَ أَيْضًا عَدَمُ قَبُولِ الْوِصَايَةِ وَالْإِمَارَةِ مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ قَبُولُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبٌ فَافْهَمْ.

(وَقَالَ قَاضِي خَانْ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ) فَضْلًا عَنْ الْمَطْلَبِ (لِأَنَّهَا أَمْرٌ عَلَى خَطَرٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ (لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ الدُّخُولُ فِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلَ مَرَّةٍ غَلَطٌ) فَمَنْ لَا يَدْخُلُ لَيْسَ لَهُ غَلَطٌ فَمَا يَكُونُ غَلَطٌ لَا يَلِيقُ لِلْعَاقِلِ أَنْ يُوقِعَ نَفْسَهُ فِيهِ فَضْلًا عَنْ الطَّلَبِ فَدَلَّ عَلَى الْمَطْلُوبِ الْتِزَامًا (وَ) فِي الْمَرَّةِ (الثَّانِيَةِ خِيَانَةٌ) لِأَنَّهُ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْ الصِّيَانَةِ وَالْمُحَافَظَةِ فَالْقَضِيَّةُ أَكْثَرِيَّةٌ أَوْ الْقَضِيَّةُ مُهْمَلَةٌ فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ أَوْ مِنْ شَأْنِهِ الْخِيَانَةُ وَقِيلَ عَلَامَةُ الْخِيَانَةِ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْكُلِّيَّةَ بِظَاهِرِهَا لَيْسَتْ بِمُطَّرِدَةٍ فَمَنْ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْخِيَانَةِ لَا يَلِيقُ لَهُ الطَّلَبُ فَافْهَمْ.

(وَعَنْ غَيْرِهِ وَالثَّالِثَةُ سَرِقَةٌ) لَعَلَّ الْخِيَانَةَ فِي عَدَمِ الصِّيَانَةِ وَعَدَمِ الْمُحَافَظَةِ وَالسَّرِقَةِ فِي الْأَكْلِ وَالسَّرَفِ فِي أُمُورِ نَفْسِهِ فَمَا يَكُونُ مَوْقِعَ سَرِقَةٍ لَا يَلِيقُ طَلَبُهُ أَيْضًا (وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ) مَعَ كَمَالِهِ فِي الْعَدَالَةِ (لَا يَنْجُو مِنْ الضَّمَانِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>